غزة.. إرادة القتال في وجه العدوان

14 مايو 2021
غزة.. إرادة القتال في وجه العدوان
عبد معروف
عبد معروف

يخوض الشعب الفلسطيني وقواه المقاتلة معارك بطولية ردا على العدوان الاسرائيلي الذي يستهدف الأراضي الفلسطينية، وصعد هذا العدو من ضرباته الوحشية ضد المدنيين العزل في القطاع، واستعرض أسلحته الفتاكة وقوته العسكرية في مواجهة شعب لم يبق أمام إلا إرادة القتال والمواجهة.

الفلسطينيون في الأراضي المحتلة، خاصة في القدس وغزة، يتعرضون لعدوان واسع تستخدم فيه قوات الاحتلال أسلحتها التدميرية، في محاولة لفرض الاستسلام، وإجبار الفلسطينيين على رفع الراية البيضاء.

لا شك بأن الاحتلال يتألم، ويمر بحالة إرباك حقيقية ، في وقت يقبع أكثر من ثلث سكان الكيان داخل الملاجئ والأنفاق خوفا من صواريخ المقاومة الفلسطينية.
عدو يقصف ويدمر ويقتل، وشعب فلسطيني صابر صامد ومقاومة توجه ضربات موجعة للاحتلال.

هذا هو المشهد العام في الأراضي الفلسطينية، وإذا كان ليس من مهمة الاعلام وأيضا الساسة والقيادات، سرد الأحداث ونقل الأخبار فحسب ، فإن الواجب يحتم علينا أن نبحث في عمق التطورات وخلفياتها وأهدافها وما يمكن أن تؤول إليه.

أولا: لابد من التأكيد مجددا أن الحراك الشعبي الفلسطيني في القدس والصمود الاسطوري في قطاع غزة والمقاومة البطولية في الرد على الاحتلال، يشير مجددا أن الشعب قادر على الصمود والانتصار في حال توفرت له شروط الانتصار.

وأبرز هذه الشروط أن يكون هذا الصمود وهذا القتال في سياق الصراع مع الاحتلال، وفتح آفاق هذا الصراع ليكون صراعا وجوديا وليس مقاومة ردا على هذا هذا الحدث أو ذاك، أنه قتال في ميادين الصراع وليس في ميدان الرد على حدث أو ضربة إسرائيلية، لأن فتح آفاق الصراع والخروج من حلقات الجمود والتسويات هي وحدها القادرة على تنظيم صفوف الشعب ورفع مستوى وعيه وإرادته، ووحدها ميادين الصراع تضع حدا لحالة الكسل والاحباط واليأس التي يمكن لها أن تصيب الشعب في حال تكثفت الاتصالات والاجتماعات والوساطات للتهدئة ووقف إطلاق النار.

ثانيا: إن فتح آفاق الصراع مع الاحتلال يعني أولا وأخيرا أن توضع القضية الفلسطينية في سياقها التاريخي والمصيري، باعتبارها أرض عربية، وقضية العرب المركزية، وبالتالي فإن ميدان الصراع في القدس وغزة والأراضي الفلسطينية هو صراع الأمة، وهذه الأمة لديها من القدرات والمدخرات والامكانيات التي تمكنها من دعم الشعب الفلسطيني، وومده بكل ما يعزز صموده وقتاله ضد الاحتلال.
ثالثا: إن ما يجري في فلسطين والعدوان الوحشي الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ومصادرة الأراضي والممتلكات في القدس واعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة عام 1948، يؤكد أيضا أن العدو الاسرائيلي مازال قادرا على توجيه الضربات وقادر على تصعيد عدوانه، ومازال يراهن على أن أسلحته وقصفه سيؤدي إلى إذلال الشعب الفلسطيني والموافقة على شروطه.

أمام هذه الحقائق، هناك ضرورة للاستعداد والحشد وتنظيم الصفوف وخوض الصراع من خلال التأكيد على أن العدو الاسرائيلي هو عدو العرب، وأن هذا العدو لا يمكن ردعه إلا بوحدة الصف العربي وتحويل المعركة من معركة مع الشعب الفلسطيني إلى معركة الأمة.

لقد أكد العدوان الاسرائيلي المتصاعد والمتجدد على الشعب الفلسطيني أن هذا العدو، لا يريد السلام، ولا يعمل من أجل السلام، ولا يتبع سياسة تؤدي إلى سلام عادل وشامل (كما يتردد من مصطلحات)، وبالتالي فإن هذا العدو لا يفهم إلا لغة الردع والقوة والثورة والمواجهة، وهذه حقيقة يجب أن يراها العرب والفلسطينيون بشكل واضح، وهذا يحتم الاستعداد وتنظيم الصفوف ورفع مستوى الوعي والتنظيم .

وإذا أصبحا هذه حقائق على أرض واقع العرب، فإنه سيشكل رادعا للعدو ورافدا لدعم الفلسطينيين في القدس وغزة، فإقفال أبواب العواصم العربية أمام ساسة وسفارات ورجال أعمال العدو، وتحويل المجتمع العربي إلى مجتمع منتج بعيدا عن التخلف والجهل والانقسام، وبناء الدولة العلمانية العادلة التي تمنح شعبها وأحزابها الوطنية وقواها السياسية الحرية والديمقراطية في التعبير والحراك، تخفف من أزمات العرب، ما يمنحهم الفرصة لتوجيه العداء للعدو الاسرائيلي.

إن العرب أمام عدو يعربد في فلسطين ويرتكب كل أنواع القتل والتدمير ويرتكب المجازر من أجل توجيه رسائل إلى الفلسطينيين والعرب لإجبارهم على التخلي عن حقوقهم وكرامتهم وفتح أبواب عواصمهم للمافيات والتجار والاستخبارات الاسرائيلية.

المعركة في القدس كما المعركة في غزة وباقي الأراضي الفلسطيني، هي معركة العرب ومعركة كل الشرفاء والأحرار في العالم، فإما أن يقدموا الدعم المباشر لغزة وفلسطين، ونمد غزة بمقومات الصمود والمقاومة، وإما فهزيمة غزة ستكون هزيمة لفلسطين، وهزيمة للعرب، وللعدالة في العالم، لأن العدو سيتمكن من كسر ارادة الحق وإرادة الحياة في المنطقة.

فالصراع المتفجر في فلسطين اليوم، مهمته فقط استنهاض الأمة، وليس القتال نيابة عنها، الهدف هو إخراج الأمة من كبوتها وغفوتها وكسلها إلى ميادين الانتاج والصراع مع الاحتلال لأنه عدوها ويستهدفها ويعمل على اختراقها.

المصدر خاص بيروت نيوز