شربل وهبة… ميشال عون السياسيّ

20 مايو 2021
شربل وهبة… ميشال عون السياسيّ
خيرالله خيرالله
خيرالله خيرالله

استقال شربل وهبة أم لم يستقِل، نجح ميشال عون في جعل لبنان لا يشبه لبنان.

ليس كلام وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال، التي يرأسها حسّان دياب، سوى مرآة لحال يعبّر عنها بوضوح تامّ، ليس بعده وضوح، رئيسٌ للجمهورية أوصله “حزب الله” إلى قصر بعبدا في ذلك اليوم المشؤوم، يوم 31 تشرين الأوّل 2016.

في النهاية، ليس شربل وهبة سوى ميشال عون السياسي في وزارة الخارجية.

ليست القاضية غادة عون سوى ميشال عون عندما يتولّى أمور القضاء. ليس جبران باسيل في وزارة الطاقة، التي يشرف عليها مباشرة أو بالواسطة منذ 12 عاماً، سوى ميشال عون الذي يأخذ على عاتقه توفير الكهرباء في البلد 24 ساعة على 24 ساعة.

بعد 12 عاماً على وصاية “التيّار العوني” على وزارة الطاقة، توشك الكهرباء على الاختفاء، فيما بلدان “البدو”، التي تحدّث عنها العونيّ شربل وهبة باحتقار، لم تعد بعيدة عن تصدير الكهرباء التي تنتجها من الطاقة الشمسيّة.

ليس ما يدعو إلى استغراب الكلام العنصري الصادر عن وزير الخارجية اللبناني، السفير السابق في فنزويلا المفلسة لسنوات طويلة.

كلّ ما في الأمر أنّ لبنان في سقوط حرّ منذ أصبح ميشال عون رئيساً للجمهورية.

لا حدود للانهيار الحاصل سوى مزيد من الانهيار من دون وجود أيّ نوع من الكوابح.

لا يوجد حتّى من ينظّم الانهيار!

بقي أمام اللبنانيين باب واحد تدخل منه أموال بالعملة الصعبة.

لا بدّ من سدّ هذا الباب، والتسبّب بأذى، ليس بعده أذى، لنصف مليون مواطن يعملون في دول الخليج العربي.

بين هؤلاء 300 ألف مواطن في المملكة العربيّة السعوديّة.

هل لدى ميشال عون فكرة عن عدد اللبنانيين الذين يعيشون بفضل تحويلات تأتي من دول الخليج؟ الأكيد أنّ فكرته عن هذه التحويلات تشبه فكرته عن تفجير مرفأ بيروت قبل عشرة أشهر.

وقتذاك، لم يكن لدى رئيس الجمهورية، الذي لم يتدخّل لمنع التفجير، من همٍّ سوى منع حصول تحقيق دولي بالجريمة.

في أربع سنوات، نجح “العهد القويّ”، وهو قويّ بسلاح “حزب الله”، ولا شيء آخر، في تحقيق سلسلة من الإنجازات تُوِّجت بتصريحات وزير الخارجيّة العوني في برنامج على قناة “الحرّة” الأميركيّة.

لا يعرف شربل وهبة، أستاذ المدرسة الذي تحوّل دبلوماسياً، شيئاً عن “داعش”.

لا يعرف من وراء “داعش”، ودور النظاميْن السوري والإيراني في تشكيل “داعش” لإظهار بشّار الأسد متصدِّياً للإرهاب والتطرّف، في حين أنّ نظامه شريك في كلّ إرهاب يُمارَس في المنطقة الممتدّة من المحيط إلى الخليج.

حسناً، لا يعرف شربل وهبة شيئاً عن “داعش” ومن وراء “داعش”.

لا تسمح له ثقافته السياسية الضحلة بذلك.

مثل هذه الثقافة الضحلة أهّلته لأن يكون مستشاراً دبلوماسياً لميشال عون قبل تعيينه وزيراً للخارجية إثر استقالة ناصيف حتّي الذي قرّر أخيراً أن يحترم نفسه قليلاً… فاستقال.

لنضع “داعش” جانباً.

الغريب ألّا يعرف شربل وهبة، الهابط فجأة على وزارة الخارجية، شيئاً عن دول الخليج ومجتمعاتها.

مطلوب منه ألّا يعرف وأن يرفض أن يتعلّم.

تحوّل شربل وهبة إلى رمز من رموز “العهد القوي” الذي لا مهمّة له سوى لعب دور محدّد رسمه له “حزب الله”، ومن خلفه إيران، كي لا يعود لبنان يشبه لبنان.

مَن لديه أدنى شكّ في ذلك يستطيع أن يسأل نفسه كيف صار لبنان معزولاً عربيّاً ودوليّاً ومجرّد تابع لإيران… وكيف قُضِيَ على التعليم والمستشفيات والفنادق والخدمات والسياحة… وعلى النظام المصرفي الذي بقي إلى ما قبل فترة قريبة العمود الفقري للاقتصاد.

توجد لدى “العهد القوي” مهمّة.

لهذا يرفض ميشال عون تشكيل “حكومة مهمّة”، حسب ما ورد في المبادرة الفرنسية في صيغتها الأصليّة، كما طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون في زيارتيْه للبنان.

كان القطاع المصرفي بنظامه الحرّ، الذي احتاج بناؤه إلى سنوات طويلة، خطّاً أساسياً في الدفاع عن لبنان.

يعتبر البعض أنّه بقي خطّ الدفاع الأوّل عن لبنان في ضوء تشابك المصالح بين كلّ فئات المجتمع من أجل المحافظة على مصارف بيروت وعلى قدرتها في جذب الأموال والاستثمارات العربية وغير العربية، وأموال اللبنانيين العاملين في الخارج، ولكي يؤدّي القطاع دور الملجأ الآمن لها.

بقيت معظم هذه المصارف تعمل في أحلك الظروف… إلى أن جاء “العهد القويّ”، الذي يظلّ شربل وهبة أفضل تعبير عنه، بل أفضل تعبير عن المهمّة التي كُلِّف بها هذا العهد، والتي يبدو أنّه في طريقه إلى إنجازها.

من الصعب ظهور وزيرٍ للخارجية في العالم كلّه يمتلك كلّ تلك الصفات التي يتميّز بها شربل وهبة، الذي توّج إنجازات العهد بالجمع بين السطحية والعنصرية والعنجهية والجهل.

مَن غيره يستطيع الجمع بين كلّ هذه الصفات التي تعبّر في الوقت الحاضر عن بؤس، ليس بعده بؤس، لدى مسيحيّي لبنان وغيرهم من الذين ارتضوا أن يكونوا أدوات لـ”الممانعة”.

إنّه بؤس أوصل لبنان واللبنانيين إلى الذلّ الذي وصلوا إليه في ظلّ “العهد القويّ”، وهو الاسم الحركيّ لـ”عهد حزب الله”.

نعم لعهد المهمّة.

إنّها مهمّة عرقلة تشكيل “حكومة مهمّة”.

ليست التصريحات الأخيرة لشربل وهبة سوى أحد المسامير الأخيرة في نعش لبنان الذي بات يحتاج إلى معجزة كي يجد فيه المواطن العادي رغيف خبز أو تنكة بنزين… أو حبّة دواء في أشدّ الحاجة إليه.

المصدر أساس