العلاقة بين حماس ومصر من مرسي الى السيسي

3 يوليو 2021
العلاقة بين حماس ومصر من مرسي الى السيسي
فاتن الحاج حسن
فاتن الحاج حسن

تعتبر السياسة من الأمور غاية في الأهمية على المستوى المحلي والدولي لما لها في تأثير على كافة مناحي الحياة في الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية ..، والسياسة وفق المعاجم اللغوية مشتقة من كلمة ساس أي تولى القيادة والرياسة، وما يميز السياسة أنها لا توجد قاعدة واحدة فيها فهي متغيرة متبدلة بتبدل الظروف والمصالح، وعلى كافة المستويات وما يحكم السياسة هي حركة المصالح للدولة، وكثير ما يرى المحللون أن بعض الدول تكون في حالة ود ووئام وضمن تكتل سياسي واقتصادي واحد لكن سرعان ما تتحول إلى عداوة وتنافر سياسي، كما حصل في السنتين الأخيرتين بين دول مجلس التعاون الخليجي وقَطَر.

وما يغير المعطيات السياسة هي جملة التحولات الداخلية والخارجية تؤثر بشكل مباشر على مجراها، فالسياسة لا تخضع لقالب واحد وإنما متغيرة نسبياً وفقاً للظروف المحلية والدولية، وما يهمنا بعد هذه الديباجة الحالة السياسية في واحدة من أبرز الدول العربية وهي جمهورية مصر العربية وتاريخها في العقد الأخير، فقد كانت مصر في عين عاصفة الربيع العربي وأول المتأثرين به فقد تنحى الرئيس محمد حسني مبارك في الحادي عشر من شباط من العام 2011م، بعد فترة حكم دامت لثلاثة عقود ونيف، وقد مرّت البلاد في حالة مخاض سياسي تولى المجلس العسكري قيادتها وأفضت إلى انتخابات رئاسية وصفت بالحرة والنزيهة صعّدت الرئيس محمد مرسي إلى سدّة الرئاسة وذلك بنسبة نجاح خمسينية قلما نجدها في بلدان اعتادت على النِسب التسعينية في انتخاباتها الرئاسية، وفي البعض يعيّن الرئيس حتى بدون انتخاب بصورة دستورية ملتوية.

بقي الرئيس مرسي في سدة الرئاسة ما يقارب السنة، إلا أن المجلس العسكري لم يرق له الوضع فقد بدأ البحث عن سبب وعذر لتنحية الرئيس ولم يجد بداً من إلقاء التهم على مؤسسة الرئاسة ولم يجدوا بدً من تصنيع تهمة لم تكن تخطر على بال أحد وهي التخابر مع حماس، نعم التخابر مع حماس، ومع قطر، وهنا لابد من الإشارة إلى أن قواميس المصطلحات السياسية والعسكرية يعرّج على تعريف التخابر “على أنه التعامل مع جهة أجنبية عدوة البلد بهدف الإضرار به على كافة الصعد عسكرياً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً أو إحداها على الأقل.

لكن هنا التعريف لا ينطبق ولا بأي شكل إلى العلاقة التي تربط مصر ورئاستها مع كل من دولة قطر وحركة حماس الفلسطينية والتي تتخذ من قطاع غزة مركز ثقل جيوسياسي لها، والتي كانت وما تزال على عداء تام مع العدو الإسرائيلي، فأين التخابر من هذا؟ لكن ما يثير الغرابة أن المؤسسة العسكرية نجحت في إزاحة الرئيس محمد مرسي بعد أن بقي في الرئاسة لمدة سنة، وذلك بيد المؤسسة العسكرية والتي كان عرّابها وزير الدفاع وقتها والرئيس الحالي المشير عبد الفتاح السيسي، وكأن صر لا تُحكم إلا برئيس مستورد من المؤسسة العسكرية، نجح في إزاحة الرئيس مرسي من الرئاسة تولى مكانه، وقد حُكم بتهمة التخابر مع كل من حماس وقطر وحكم عليه بالسجن المؤبد إلى أن توفاه الله في السجن كنتيجة حتمية للإهمال الطبي المتعمد فضلاً عن دفنه في شروط وظروف خاصة، لكن للمفارقة أن الحرب الأخيرة التي شنها العدو الصهيوني على قطاع غزة جعلت للرئيس عبد الفتاح السيسي يبسط يده لنجدة غزة بإعادة الاعمار وذلك ضمن فريق مصري متكامل يعمل على إعادة بناء ما دمرته الحرب الأخيرة، وكأن الأمر مباح للسيسي ومحرم على مرسي، إلا أن الهدف منها هو الإبقاء على مؤسسة الرئاسة بيد حاكم ذو نَفَس وخلفية عسكرية، وهنا لابد من الإشارة إلى أن المؤرخ الكبير جلال الدين السيوطي الذي عاش في القرن الخامس عشر الميلادي وصف المصريين بأنهم يتّبعون السائد من المذاهب والحكّام على حدٍ سواء، هذا ما يفسر مرونتهم من التبدلات السياسية الحاصلة دون أدنى مشكلة.

ثمة شيء غير مفهوم في عالم السياسة وكأن أعداء الأمس أصدقاء اليوم ليس أصدقاء فقط وإنما تحت اطار المساعدة المصرية في إعادة الإعمار في الوقت الذي حاكمت فيه السلطة المصرية الحالية الرئيس المنتخب محمد مرسي بتهمة التخابر.

ففي المحصلة لا شيء ثابت في السياسة سواء عداوة أو تعاون أو حتى اتحاد، فهذا مجلس التعاون الخليجي وصل إلى حافة الانهيار مع خروج قطر من البوتقة الخليجية على المستوى الرسمي لكن بعد عدة سنوات من المناكفة عادت الأمور إلى مجاريها، لكن على المقلب الاخر نجحت دول من التحرر من اتحادات ربما كانت عبى ومثبط لها ولنشاطاتها كخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي وما رافقها من قوانين وتشريعات تناسبت مع المرحلة.

المصدر بيروت نيوز