“محافظ” جمهورية بعبدا مهموم مشغول هذه الأيام، فيما شعوب جمهوريات الجوار متلهون في تفاصيل صغيرة جداً جداً. هو يسعى إلى الخلود والسؤدد وهم يركضون أذلاء وراء لقمة خبر وحبة دواء وليتر بنزين. إنه من “الخالدين” الخارجين من الأساطير اليونانية إلى عالم البشر الضعفاء ليساعدهم في حياتهم البائسة.
“فخامة المحافظ” يغالب الزمن والعمر ويجرجر قامته المثقلة بالمعارك الخائبة ليقوم بما يمليه عليه ضميره واليمين الدستورية: “أحلف بالله العظيم أني أحترم دستور الأمة اللبنانية وقوانينها وأحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه”.
يقوم بواجبه على أفضل وجه. ها هي “جمهورية بعبدا” تضج بالنشاط والحيوية والعمل المثمر. اجتماعات لا تنقطع منذ أن يصحو لمعالجة كل قضايا الشعب وحاجاته. هذا سفير يودع. هذا نائب برتقالي يزوره ليثني على إنجازاته. سيل من وفود لتنهل من بركته. لكل أزمة تعصف بالبشر العاديين لديه الاجتماع المناسب. اجتماع للبنزين. اجتماع للدواء. اجتماع للخبز… وتتوالى الاجتماعات وتشتد الأزمات… إنه الخواء بأبشع تجلياته.
“فخامة المحافظ” محبوب من قبل “الأمة البرتقالية” الموروثة من “فينيقية عوراء” ترى العجوز شابًا والمهزوم منتصراً والمخرّب عمّاراً… والخواء مجداً.
صلاة في الفاتيكان. لا شك أنها تعني شيئاً. أكيد أنها أفضل من طلة “قائمقام” جهورية بعبدا متذاكياً مدعياً متطاولاً متباهياً بأنه يضع “ختم” المحافظة تحت وسادته.
لكن وقد أوغلنا في الخراب، في عهد النكبة، يبدو أن صلوات من كل الديانات ما عادت تكفي لوقف متوالية الموت هذه. كأنما “نذير الشؤم” هذا من “المحافظ” إلى “القائمقام” بات قدراً لا يُردّ.
في عهد النكبة كثرت طوابيرنا… طوابير ذل ونحن بأمس الحاجة إلى طابور صغير للإيمان، عسى أن نستعيد أملنا بالخلاص من “المحافظ” و”القائمقام”.