عندما يتحكم السماسرة بمصير شعب ووطن

23 يوليو 2021آخر تحديث :
عندما يتحكم السماسرة بمصير شعب ووطن
عبد معروف
عبد معروف

تتحكم الطبقة المالية وأصحاب رؤوس الأموال والأثرياء، بمسار الحياة السياسية والاقتصادية في بلادنا، بغطاء ديني، ليصبح السائد، أن طائفة انتصرت على طائفة، وطائفة هزمت أمام طائفة، في الوقت الذي يتعرض فيه الوطن، والمواطن، لحالة من الانهيار الشامل.

وتستمر الأفكار السائدة بتشويه وعي الشعب، وتقسيمه وتوزيعه على الطوائف ليصبح الولاء للطائفة أو المذهب أكبر منه إلى الوطن.

الدين غطاء للسيطرة السياسية والوصول إلى السلطة، وتحقيق سيطرة طبقة مالية من هذه الطائفة أو تلك أمام طبقة مالية في الطائفة الأخرى.

هذا ما تؤكده عقود طويلة من الزمن، لأن بلادنا سيطر عليها الفكر الديني، والطائفي، كغطاء لطبقة تتحكم بوسائل الانتاج داخل المجتمع، وهي ترسم خطوط السياسة ويمكن لها من خلال ثروتها، أن تحدد نتائج الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومة وحتى انتخاب رئيس.

فمن يتحكم بالقرار السياسي في أي بلد هي قوى الانتاج أو القوى التي تسيطر على الانتاج وتتحكم بالسوق، طبقة مالكي الأراضي في زمن الاقطاع، وطبقة أصحاب المصانع والمعامل وأصحاب الشركات العابرة للقارات في زمن البرجوازية .

في بلادنا، قوى الانتاج التي تتحكم بالحياة السياسية والاقتصادية ليست طبقة الاقطاع مالكي الأراضي، ولا هي الطبقة البرجوازية الوطنية أصحاب المصانع والمعامل والشركات العالمية، بل إن قوى الانتاج التي تتحكم بمصير الوطن والمواطن، هي طبقة الأثرياء أصحاب رؤوس الأموال ..حيتان المال..وهم يسيطرون ويتحكمون بالسياسة، يحددون من هو النائب ومن هو الوزير ، يحددون بأموالهم وإثرائهم مصير البلد ومصير الشعب، يدفعون الرشاوى ويشترون أصوات الشعب وضميره مقابل فتات، ويصرفون المليارات للحملات الاعلانية والاعلامية في الانتخابات، يتصدرون وسائل الاعلام، ويشترون ذمم اعلاميين يفتحون لهم الفضائيات ووسائل الاعلام للترويج لهم.

لذلك، ففي حالة استعصاء غريبة في بلادنا لم يشهد لها العالم مثيلا، وهجين معقد وخليط يدهش العالم، استطاع حيتان المال التزاوج مع الافكار الدينية والسياسية لتكوين سلطة معقدة، مال فاسد ينتج سلطة فاسدة وسلطة فاسدة تنتج وتحمي مالا فاسدا، ليصبح الوطن أسير هذا الزواج بين المال والدين والسياسة .

ففي كل بلاد العالم، الدولة تحمي المواطن، إلا في بلادنا والبلاد المتخلفة، المواطن يحتمي بالطائفة، يقتل ، ينهب، يفسد، وتحميه الطائفة، وفي بلادنا أيضا الطائفة تنتصر على الوطن وأقوى من الدولة، وبالتالي لا يمكن للشعوب أن تخرج من أزمتها ومعاناتها وقهرها إن لم تعمل لبناء الوطن، وإن لم يتعافى هذا الوطن من أمراضه ويشهد تطورا وازدهارا، لأن الثروات والأموال يمكن لها أن تفتح مطعما أو بارا، أو معرضا سياحيا، أو مسبحا بحريا، أو يبنى “مول” تجاري، لكن رؤوس الأموال لا تبني وطنا، بل تحول الانسان إلى متسول ذليل، إلا إذا عمل على تطوير الزراعة والصناعة .

أما الخدمات فهي عملية تخدير، سرعان ما تشعل الحروب والنكبات والانتكاسات.
وإذا كان الاثرياء وأصحاب رؤوس المال في بلادنا مخلصين لوطنهم، عليهم الاسراع في استثمار أموالهم لبناء المصانع والمعامل والأراضي الزراعية.

والانتاج ثقافة تعممها الأحزاب والنخب الثقافية والسياسية، وعلى القوى والأحزاب التي تعتقد أن هذا خيارها وحريصة على مصالح الشعب، أن تنهض من كبوتها، وتنتفض من عجزها وترهلها وتعالج أمراضها، وتعمل من أجل تحويل المجتمع من مجتمع خدماتي كسول ومتسول، إلى مجتمع ثوري منتج، والدفع باتجاه استصلاح الاراضي وبناء المصانع وإبعاد سيطرة الأثرياء ورجال الدين عن الحياة السياسية .

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.

المصدر بيروت نيوز