يومان يفصلان عن موعد الاستشارات النيابية الملزمة الاثنين المقبل لتسمية رئيس مكلف جديد يخوض المهمة الصعبة. وحتى الآن لا شيء محسوم على الرغم من تقدم اسم رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي أمام نواف سلام الذي تردد اسمه في نادي المرشحين، لكن الطريق ليست سهلة كما يظن البعض.
مصدر متابع للمشاورات التي انطلقت قبل اعتذار الحريري وعلى إثر البدء بالتفكير الجدي بهذا القرار أي من حوالي ١٥ يوماً يؤكد لـ”لبنان الكبير” أن شقيقَي ميقاتي، عزمي وطه، بدآ جدياً “الدقدسة” عن هذا الأمر مع أكثر من طرف داخلي وخارجي يعد لاعباً أساسياً في الحل السياسي، لكن نحيب ميقاتي نفسه كان حذراً من هذه الخطوة، باعتبار أن التنازل الذي لم يقدمه سعد الحريري لن يستطيع أن يقدمه أي شخص آخر وإلا كان يمكن للحريري أن يقدم عليه ويريح رأسه.
وبالتالي فإن ٤ عقبات أساسية تقف أمام وصول ميقاتي إلى هذا المنصب في التوقيت الصعب يعمل على تذليلها وتفكيكها: الأولى أن رئيس الجمهورية لا يرتاح له، لكن يمكن أن يسهّل التأليف مع بعض الضمانات؛ الثانية تتعلق بالتفاهم مع الحريري الذي لن يكون سهلاً عليه أن يسمي غير نفسه في هذه المرحلة التي تحتاج إلى”بطل” لوقف التدهور.
كذلك عليه أن يباركه ويؤمن له الغطاء السني الكامل، وبالنسبة إلى ميقاتي عندما يعطيه الحريري هذه المظلة يعني الالتزام بخطواته والتنسيق الدائم معه بالشاردة والواردة، يعني لا شيء سيتغير بالنسبة إلى السقوف والشروط؛ الثالثة العلاقة مع السوري وهي الآن ليست على ما يرام، كذلك مع حزب الله لكن الأخير براغماتي ومنفتح على التوافق؛ أما النقطة الرابعة فهي الضمانات التي يطلبها ميقاتي بما خص مستقبله السياسي، وهو إذا لم يترشح إلى الانتخابات يريد أن يضمن ترؤسه حكومة ما بعد الانتخابات.
وعلى الرغم من ارتفاع حظوظ ميقاتي، إلا أن الأمور لا تزال معقدة. أما الوزير السابق فيصل كرامي فاسمه مرجح وغير ضعيف، لكن مشكلته أنه مرشح طرف والتوجه اليوم عند عون وحزب الله أن لا يسيرا بمرشح طرف، بحسب المصدر الذي لم يقلل من أهمية طرح اسم نواف سلام متحدثا ًعن إشارات سادت منذ أيام بامكانية أن يسير باسيل به لوحده بمعزل عن حليفه، محاباة للأميركيين والسعوديين، فيما تردد أن المملكة تريد نواف سلام بقوة حتى إنها تضع امر تسميته من قبل الحريري شرطاً لاستقباله.
ويؤكد المصدر أن الفرنسي دخل بقوة على خط التسميات ولديه مرشح “نسخة” من مصطفى أديب لكنه متحرر بقراراته من الرجوع إلى الحريري ونادي رؤساء الحكومات السابقين وفي الوقت نفسه لا يستفزهم أي يواجههم، ويعد هذا القرار أسهل للحريري حيث يذهب إلى الانتخابات مرتاحاً ومن دون قيود، ومن دون أن يشعر بالمنافسة.
وتكون هذه الشخصية مخرجاً للجميع ومدعومة فرنسياً برضا سعودي وأميركي يشكل حكومة تكنوقراط من اختصاصيين غير محزبين تفاوض صندوق النقد وتشرف على الانتخابات تحضيراً لحكومة ما بعد الانتخابات التي تنطلق بخطة التعافي والإصلاحات.
وفي الساعات الأخيرة تراجعت حظوظ نواف سلام بعدما أبلغ باسيل المعنيين أنه لن يسير بخيار ضد حزب الله، والأخير لن يتحول إلى جمعية خيرية فلكل شيء ثمنه، ثم إن اصطفاف ١٤ و٨ آذار بات صعباً اليوم، والحزب يريد أن يكون شريكاً في الحكومة أكثر من أي وقت مضى، لأن هذه الحكومة سترث العهد والانتخابات النيابية إذا تعذر إجراؤها وصولاً إلى إمكانية أن تشهد على تغيير النظام المأزوم الذي دفنت فيه كل التسويات منذ العام ١٩٩٢ ولا يمكن تعويمه، أي الاستمرار بحقنه إبر المورفين.
ويلفت المصدر هنا إلى رهان الخارج على الانتخابات المقبلة باعتبار انها ستغير الطبقة السياسية أي تشلها في أحسن الأحوال، وقد وضع كل ثقله وراء منظمات المجتمع المدني ngos لكن هذا الرهان خاطئ، فالأحزاب اللبنانية ربما ضعفت لكنها لا تزال قادرة على قلب المعادلات والإمساك بزمام الأمور.
والقول إن انتخابات نقابة المهندسين عبرة هو قول خاطئ لأن الأحزاب لم تنزل بثقلها في هذه الانتخابات ثم أن “الثوار” أثبتوا أنهم بديل سيئ لا يمكن له القيادة والشارع خير مثال.
ويخلص المصدر إلى القول إنه إذا كانت الصورة واضحة بشأن الحصار وتداعياته على لبنان، وهو ما نعيشه اليوم من أزمات متلاحقة تشتد بشكل دراميتيكي، فإن صورة الحل ضبابية لأن الأوراق لا تزال مخبأة وكل جهة تنتظر كشف أوراق خصومها لوضع أي تعديل لخطط المواجهة.
الفرق أن النفس الطويل هذه المرة يتحكم فيه المواطن على عكس المراحل السابقة، لأنه وبكل بساطة يده على الزناد وسيلحقهم به عندما يضغط عليه وليس العكس.