عم بعض التفاؤل أوساط الشعب اللبناني ومؤسساته الرسمية، بعد الاعلان عن تكليف دولة الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة لبنانية تعمل على إنقاذ لبنان من حالة الانهيار المالي والمعيشي الذي يتعرض له .
وجاء هذا التكليف بعد اعتذار دولة الرئيس سعد الحريري عن تشكيل الحكومة، وإعلانه بأنه على استعداد دائم للقيام بأية خطوة تؤدي إلى تشكيل الحكومة وإنقاذ الشعب اللبناني من الحالة المأساوية التي يعيشها اليوم.
كما جاء هذا التكليف بعد أكثر من تسعة أشهر على استقالة حكومة دولة الرئيس حسان ذياب، عاش خلالها اللبنانيون ظروفا إقتصادية وإجتماعية صعبة .
وبالتالي، فإن أمام دولة الرئيس ميقاتي مهمات صعبة أبرزها ما واجهه دولة الرئيس حسان ذياب خلال توليه رئاسة الحكومة، وما واجهه دولة الرئيس الحريري خلال محاولاته تشكيل الحكومة استنادا للمبادرة الفرنسية من جهة، وإعادة ثقة المجتمع العربي، وثقة الشعب اللبناني بمؤسساته الحكومية بما يجعل من إمكانية نجاحه أمرا ممكنا رغم حالة الانهيار الحاد التي يعيشها لبنان.
ولكن أمام المشهد السياسي والمعيشي اللبناني، هل يمكن لرئيس التيار الوطني الحر أن يتنازل للرئيس ميقاتي ما لم يتنازل عنه للرئيس الحريري .
أصبح من الواضح أن الغليان الشعبي على فوهة بركان، وأن الوضع المعيشي الذي يتعرض لها الشعب اللبناني لم يعد يطاق، وبالتالي فالأوضاع أصبحت لم تعد تحتمل وأن اللبنانيين على أبواب انفجار معيشي ليس من السهل التنبؤ بنتائجه.
الذي تغير اليوم أن الليرة اللبنانية وصلت إلى أدنى مستوياتها في تاريخ لبنان، ولأول مرة تعم العتمة في منازل الشعب، ولأول مرة يقف الشعب في طوابير الذل أمام محطات البنزين.
فالقيادات اللبنانية النافذة والقوى اللبنانية المسيطرة تعلم جيدا أن وضعها أصبح صعبا أمام حاضنتها وبيئتها وهي مهددة من انفلات شعبيتها أمام حالة العتمة وطوابير الذل والتعنت السياسي البارز .
وبالتي أذا تمكن الرئيس ميقاتي من تشكيل حكومة تحت السقف الذي وضعه الحريري، وقدم ميقاتي التنازلات أمام شروط باسيل ، فإن ذلك انتحار كبير، وسيؤدي حتما إلى خسارته لحاضنته ولنادي رؤساء الحكومات السابقين، وأيضا خسارته لدولة لرئيس نبيه بري .
وإذا تمترس ميقاتي في نفس الخندق الذي تخندق به الرئيس الحريري وبقي باسيل على مواقفه، فإن المسار سيؤدي إلى اعتذار الرءيس ميقاتي.
فمهمة التكليف صعبة وحتما هناك تنازلات من أحد الطرفين، الرئيس ميقاتي يعتمد على الدعم الدولي الذي أعلن عنه أو أوحي به ، إلى جانب الخوف من الانفجار العام في حال الفشل.
والوزير باسيل يراهن على كتلته النيابية وحاضنته الشعبية مهما كان حجمها.
وفي حال تم التشكيل بضغط دولي أو من خلال المراهنات، فإن المهمات تبقى صعبة أمام الرئيس المكلف، فخلال حكومته سيرفع الدعم عن المواد الغذائية والخبز والبنزين والأدوية وغيرها، وأيضا خلال الحكومة القادمة ستطرح عملية ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة، كما ستطرح مع سوريا.
مهام كثيرة وكبيرة تنتظر الرئيس ميقاتي، فهل يستطيع التأليف وتجاوز الألغام التي واجهها الرئيس الحريري، وفي حال تمكن من التأليف هل سيكون باستطاعته مواجهة التحديات الداخلية والخارجية .
هذا لن يتضح خلال ساعات وربما لا يتضح خلال أيام ولكن علمتنا التجارب أن كل شيء في لبنان متحرك، وما هو ضبابي اليوم ربما يتضح مع الأسابيع القادمة أقصاها شهر .
بصيح الأمل الذي برز خلال الاستشارات النيابية الملزمة أن كتلة الوفاء للمقاومة أعلنت تسميتها لميقاتي لتكليفه بتشكيل الحكومة، وهذا ما لم تفعله مع الرئيس الحريري .
والثاني ما تردد عن أن الرئيس ميقاتي جاء مندفعا لتشكيل الحكومة بدعم دولي واسع.
وهذا ما أثار جو من التفاؤل ساهم في انخفاض سعر الدولار أمام العملة الوطنية، والحديث الجدي عن انخفاض السلع الاستهلاكية في السوق اللبناني.
