فخامة الناشط باسيل

30 يوليو 2021
فخامة الناشط باسيل
 عالية منصور
عالية منصور

لا يمر شهر من دون ان يطل علينا الناشط السياسي جبران باسيل، اما بمؤتمر صحافي او مقابلة تلفزيونية، يتحدث خلالها عن نضاله بوجه المنظومة الحاكمة، وعن محاولات القوى السياسية مجتمعة افشال مشروعه الاصلاحي.

جبران باسيل الذي يريد اقناع اللبنانيين انه رجل عصامي، الى جانب “نضاله” حققت شركته الهندسية ملايين الدولارات ، وصار من اصحاب العقارات والاموال.

يحاول جبران باسيل الايحاء ان زواجه من ابنة ميشال عون لا علاقة له بما وصل اليه، لا ماديا ولاسياسيا.

عندما كان يحاضر عن محاربة الفساد في مؤتمر دافوس سُئل كيف وصل الى المؤتمر، فاجاب بطائرة خاصة اهداها له صديقه، فوفقا للناشط باسيل هذا الامر لا يعتبر فسادا بل قمة النزاهة والشفافية.

قبل ايام سألته صحافية اجنبية وهو يتحدث عن مساوىء الطبقة الحاكمة وفسادها الذي يريد محاربته، لماذا اذن وضعت الولايات المتحدة عقوبات عليه تتعلق بالفساد، فاجاب ان السبب علاقته بحزب الله كمكون اساسي من الشعب اللبناني. لا اعرف ان كان باسيل حقا يصدق ما يقوله.

الامثلة عن الانفصام الذي يعاني منه باسيل لا يمكن ذكرها بمقال، وقد يحتاج المرء الى كتاب او اكثر يجمع فيه مقولات باسيل هذه وتصرفاته.

باسيل الذي تسبب خدمة لحزب الله، بخراب علاقات لبنان العربية، تسبب قبل ذلك بخراب علاقة اللبنانيين ببعضهم بسبب خطابه الطائفي، حتى يشعر المرء ان لا مانع لديه ان يشعل حربا اهلية خدمة لمشروعه الاوحد وهو “السلطة” والوصول الى كرسي الرئاسة.

باسيل ومن بعده مستشاروه الذين اصبحوا برتبة وزراء، الذين تسببوا بالعتمة التي يعيشها لبنان، لا يشعر هو وهم بأي خجل من رمي الاتهامات شرقا وغربا على الاخرين، فالجميع فاسد ووحده باسيل واتباعه معصومون ومظلومون، وسبب العتمة هو ان الاخرين “ما خلوهم” يشتغلوا.

صحيح ان قسما لا بأس به من اللبنانيين يجمعون على كراهية باسيل، ولكن قوة باسيل لم تأت من فراغ، ولم تأت فقط لان حزب الله داعم له، فقد سبق ودعم حزب الله الكثير من الشخصيات ولم “تتفرعن” كما تفرعن باسيل.

قد يكون خطاب باسيل هو الاكثر جراءة ووضوحا ان لم نقل وقاحة، ولكن للاسف فهذا الخطاب يمثل جزءا من اللبنانيين، خطاب كراهية الاخر والقاء اللوم على الاخر، خطاب بعض الاحزاب المشاركة بالحياة السياسية منذ ما قبل الحرب الاهلية او خلالها ومع ذلك تخرج كل الوقت على اللبنانيين بخطابات رفض “المنظومة الحاكمة”، محملة اياها مسؤولية الانهيار الحاصل، حتى يخال المرء وهو يسمع اليهم انهم مجموعة من الناشطين والنشطات بدأت مسيرتهم السياسية في 17 تشرين الاول 2019.

جبران باسيل الوزيرورئيس اكبر كتلة نيابية صهر رئيس الجمهورية والحاكم بأمره، والذي لا يخجل من تحميل غيره المسؤولية من دون ان يملك بأي لحظة جرأة القول انه اخطأ، واهم من يظن انه لا يمثل الا نفسه، فباسيل يمثل شريحة من اللبنانيين ومن لا يمثلهم باسيل استطاع باسيل جرهم الى ملعبه، فصارت شاشات التلفزيون والبيانات السياسية والخطابات مليئة بالشعبوية والتحريض والطائفية والمزايدات تحت شعار “حماية حقوق الطائفة” مرة، واسترجاع هذه الحقوق “مرات”، وان استمر الخطاب السياسي وخصوصا الخطاب السياسي المسيحي يتأرجح في المساحة التي رسمها باسيل، وما لم يصدر صوت جريء مسيحي يرفض هذا الاستغلال للمسيحيين كمواطنيين لبنانيين ويرفض وضعهم بخانة المهددين والخائفين، فلن تكون مفاجأة لكثيرين ان ادى هذا الخطاب وهذا الشحن الى ان نسمع بعد عام ونيف اصواتا باسم حقوق المسيحيين تطالب بباسيل رئيسا للجمهورية.

المصدر لبنان الكبير