العدو الخارجي ليس وحده سبب الانهيار

1 أغسطس 2021
العدو الخارجي ليس وحده سبب الانهيار
عبد معروف
عبد معروف

حالة التفكك والانهيار التي تتعرض لها المنطقة العربية، تؤكد أن العامل الخارجي ليس وحده من يتحمل مسؤولية هذا الانهيار الوطني العام، فتاريخ الصراع على أرض العرب لم يتوقف منذ قرون من الزمن، كما تعرضت المنطقة العربية للغزوات والاحتلالات والاجتياحات المعادية، لكن لم يصل حال الأمة من التراجع والانهيار والتفكك كما هو حالها اليوم(لبنان مثلا).

لقد كانت الأراضي العربية وثرواتها الطبيعية وأسواقها التجارية منذ قرون محط أنظار وأطماع العدو الخارجي، وكان هذا العدو يهدف إلى نهب هذه الثروة والسيطرة على مقدرات الأمة وتعميم الجهل والتخلف والانقسام والتجزئة، والنعرات الطائفية والمذهبية، لكن في مقابل كل ذلك كانت الأمة أفضل حالا مما هي عليه اليوم، وكانت تواجه المخططات المعادية والغزوات الخارجية بقوة ومقاومة ووحدة وقيادات وطنية .

خلال القرون أو العقود الماضية، كانت الروح الوطنية والاحزاب والقوى الثورية والنضالية أكثر صلابة وقدرة على المواجهة، وكانت القيادات والنخب والأحزاب الوزطنية تلعب دورا بارزا في تنظيم الشعب ورفع مستوى وعيه وحشد طاقاته في ميادين الصراع.

تعرضت الأمة خلال القرون الماضية للكثير من الانتكاسات والنكبات، لكنها كانت تقف بصلابة وقوة ووحدة رفضا للاحتلال والتدخل الخارجي.

كانت تنعم بخيراتها ووقوة إرادتها وصلابة موقفها، أما اليوم، وفي القرن الـ”21″ ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتطور الاعلام وارتفاع عدد المتعلمين، وتراجع نسبة الأميين، وبعد تجارب مريره مع القوى الخارجية المعادية ووضوح الرؤياـ والكشف عن مخططات العدو بكل أطرافه، ترى الأمة في حالة ترهل وتراجع لا تحسد عليه، كما ان الروح الوطنية والاندفاع نحو الروح الوطنية يتراجع، وترتفع موجات الهجرة إلى الخارج، وترتفع نسبة العاطلين عن العمل، والفقراء، والمدمنين على المخدرات، تزداد الجرائم .

وإذا كانت الأرض العربية وثرواتها وأسواقها في إطار المخططات المعادية منذ القرون الماضية، فماذا تغير، وإذا كان العرب قد تعرضوا للهزائم والنكبات العسكرية أمام العدو الخارجي منذ القرون، إلا أن الروح الوطنية والاستعداد للقتال والانتاج والزراعة واستصلاح الأراضي لم تتراجع، لماذا؟
الأرض مازالت، والعدو مازال يستهدف الجميع، لكن خلال العقود الماضية، كانت لدى الأمة قوى وقيادات متقدمة، ليس هناك خلاف معها أو خلاف على طريق مواجهتها وعجزها أمام الاحتلال، لكن كان لديها حس وطني، كانت تخجل من نفسها أمام الوطن والشعب، فتعمل أو تسعى للعمل من أجل تحقيق إنجازات داخلية، وترفع المواقف والشعارات الوطنية .

اليوم، القيادات تفخر لخيانتها، وتعتز بتراجعها، وترفع هاماتها وهي تلتقي العدو وتطلب التدخل الخارجي.

اليوم، الخيانة أصبحت ظاهرة عامة ، لها قطاعاتها الشعبية ولها أحزابها ومليشياتها واعلامها ومحطاتها الفضائية و لها أموالها ومؤسساتها، ولها من يدافع عنها وعن أحذيتها، أما الوطن والمواطن، فأصبح التمسك به كلاما طوباويا يدعو للسخرية .
وأمام هذا الواقع، فالهزيمة ستزداد هزائم، والتراجع سيزداد تراجعا والفقر والبطالة والجريمة وانتشار المخدرات والهجرة الشرعية وغير شرعية، حالات سوف تنتعش في ظل مناخ من اليأس والهزيمة والتفكك والعجز تسيطر على المواطن.

فالاحتلال والتدخل الخارجي ليس وحده من يتحمل مسؤولية الانهيار الذي يعم الوطن، فهذه أطماع تاريخية، ولكن من يجعل العدو الخارجي قويا ويتمكن من تحقيق أهدافه وتعميم حالة اليأس والاحباط والانهيار هو أولا وجود قوى الفساد المرتبطة بهذا الخارج، وثانيا من يتحمل المسؤولية أيضا، تراجع وترهل القوى الوطنية والتقدمية الصادقة والانتكاسة التي تعرضت لها وأدت إلى تراجع دورها في قيادة الشعب وحركات التغيير أو ابقاء حياتها على ضفاف قوى الأمر الواقع.

المصدر بيروت نيوز