“المناطق المفتوحة” بين إسرائيل وإيران في الجنوب

7 أغسطس 2021
“المناطق المفتوحة” بين إسرائيل وإيران في الجنوب
فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

بالطبع الوضع خطير جداً. فاللعب والضرب حالياً صار في “مناطق مفتوحة” أوسع وأبعد من أماكن سقوط صواريخ “حزب الله” ومن المناطق المستهدفة بالغارات الإسرائيلية… تضاريس أرضية تتداخل مع تموجات مائية في محيط مضيق هرمز… والاحتمالات كبيرة جداً وتتطلب “قواعد اشتباك” جديدة.

صواريخ هنا، غارات وقصف هناك. الطرفان يبديان رغبة في عدم التصعيد. لذا فإن دويّ الانفجارات يبدو أشبه بمؤثرات صوتية لحدث بعيد جغرافياً قريب جداً سياسياً.

على طاولة الرهان عناوين كبيرة تحت كليشيه واحد: ترتيب جديد للشرق الأوسط، يتطلب بالضرورة قواعد جديدة للاشتباك وللتفاوض وللتفاهم وصولاً ربما إلى “الاتفاق الكبير” على مستوى إقليمي.

كأن المنطقة باتت في قلب “معركة دولية” تحمل في هوامشها احتمالات تغيير سياسي على خلفيات أيديولوجية ومذهبية.

وهنا تتصدر إيران هذا المشهد ومعها الدول التي باتت تدور في فلك نفوذها، وهي تتشابه مع “المركز” في التردي المعيشي والاقتصادي، بحيث إنها تفضل الذهاب إلى خيارات التهديد الأمني والعسكري لنفسها وشعوبها بهدف شد العصب، بما يخدم في المحصلة الأخيرة تعزيز موقف “المركز” في التنازع وتالياً في التفاوض مع “الاستكبار العالمي”، في لحظة فارقة لجمهورية ولاية الفقيه.

التوتر في بحر عُمان تزامن مع طقوس تنصيب الرئيس الإيراني “المحافظ” ابراهيم رئيسي، وسط غموض في مسار المفاوضات النووية جراء تشوش الأهداف الأميركية الديمقراطية.

أجواء أوحت بأن ولاية رئيسي ستكون حامية مع “الخارج”  فيما ورث عن سلفه “الإصلاحي” حسن روحاني “داخلاً” ملتهباً بالمشكلات والأزمات.

في طّلته الرسمية الأولى تحدث رئيسي عن “الصعوبات المعيشية والاقتصادية وجائحة كورونا ومشكلات المياه والخدمات”، باعتبارها “من أبرز التحديات” التي تواجه إيران.

لكن رئيسي كان حريصاً على الفصل بين الملفات الاقتصادية (حل الأزمات) والعقوبات (الرهان على رفعها) في محاولة لتمييز نفسه عن روحاني وكل أسلافه الرؤساء، باعتبار أنه أكبر من رئيس للجمهورية… المرشد الأعلى المرشح.

لذا طبيعي أن يركز رئيسي على مركزية دور المرشد، إذ “أينما تغافلنا عن نصائح المرشد الأعلى والخط الثوري تعرضنا للمشاكل”.

بالنسبة لواشنطن  كان من المفيد ربط رفع العقوبات بجهود الرئيس الإيراني السابق “الإصلاحي” حسن روحاني.  لكن مؤسسة الحكم الحقيقية في “الجمهورية الإسلامية” أحبطت ذلك. والآن لدى رئيسي خطط طموحة للغاية.

فهو أحد المرشحين المحتملين لخلافة علي خامنئي، الذي يعيش عامه الثالث والثمانين. وهكذا، فالتغلب على مكائد أعلى مستويات السلطة والوصول إلى كرسي المرشد مشكلة؛ أما المشكلة الثانية فهي ضمان اعتراف الشعب بالمرشد الجديد.

ويمكن حل المشكلتين باتفاق المنتصر مع الأميركيين.

وحينها سيكون رئيسي “المنقذ” الذي نجح برفع العقوبات، ما من شأنه الإسهام في حلحلة الأزمات التي تدفع الإيرانيين إلى التطلع للتغيير.

إذن “الأجندة” الإيرانية هذه المرة أكبر من مفاوضات نووية، إذ تتصدرها “الخلافة”، ولذا فإن المؤسسة الحاكمة المحافظة لن تتورع عن رمي كل أوراقها على طاولة الرهان.

وقد رأينا كيف سارعت “حماس” و”الجهاد” إلى الإشادة بصواريخ “حزب الله” على “المناطق المفتوحة”، بانتظار أن يصعّد الحوثيون استهداف المملكة بالمسيّرات.

المصدر لبنان الكبير