أثارت التطورات الأمنية وتبادل القصف بين المقاومة الاسلامية وجيش الاحتلال الاسرائيلي، حالة من الترقب والانتظار، وأثارت جملة من التساؤلات كان أبرزها، هل تندلع الحرب عند الحدود الجنوبية اللبنانية مع العدو الاسرائيلي؟
المعنيون بالأمر، يؤكدون للرأي العام، أن لا حرب متوقعة عند الحدود الجنوبية اللبنانية مع كيان الاحتلال، رغم أن هذه الأطراف تؤكد أنها على استعداد لمواجهة أي خطر يمكن له أن يتهددها.
الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله أكد في خطابه الأخير بمناسبة حرب تموز، أن المقاومة الاسلامية في لبنان لا تعمل من أجل الحرب ولن تدخل في حرب آفاقها غير محسوبة بشكل دقيق، مشددا على أن المقاومة لن تخوض الحرب ولكنها على استعداد للرد القاسي والمؤلم في حال فرضت الحرب على المقاومة.
العدو الاسرائيلي، شدد بدوره على أن جميع أعماله وتحركاته قرب الحدود لا يعني أنها مقدمة لحرب قادمة أو أنه يستعد لخوض حرب مع لبنان، لكن جيش الاحتلال كما يقول قادته على استعداد للرد على المقاومة في حال تعرضت المستوطنات شمال فلسطين إلى أي قصف .
المعادلة واضحة، لا المقاومة الاسلامية في لبنان تستعد للحرب المفتوحة رغم أنها على استعداد دائم للرد والحفاظ على توزان القوة، وقيادة الاحتلال أيضا لا تسعى ولا تعمل من أجل الحرب مع لبنان لكنها على استعداد للرد على مصادر القصف.
لذلك يمكن القول أن للتوتر الأمني والقصف المتبادل حدوده وضوابطه التي لن تخرج أبدا باتجاه حرب واسعة.
فالعدو الاسرائيلي حتما لا يسعى لحرب مع المقاومة الاسلامية في لبنان، لأنه يعلم جيدا أن هناك عوامل إسرائيلية داخلية تمنعه من الدخول في حرب ستؤدي حتما إلى خسائر واسعة في صفوفه وبنيته التحتية خاصة شمال فلسطين المحتلة والمدن الساحلية.
كما أن دول المنطقة والعالم والمجتمع الدولي، الجميع لن يدعم حكومة الاحتلال الاسرائيلي في حرب واسعة ضد المقاومة وبالتالي ضد لبنان .
فالظروف المحلية والاسرائيلية اليوم تختلف عن ظروف حرب 2006 ، وتعلم تل أبيب أن الدخول في حرب مع لبنان ستكون له مؤثراته وتداعياته الدولية والاقليمية والمحلية التي لا تستطيع تل أبيب تحملها.
والمقاومة الاسلامية، لا تعمل ولا تسعى لحرب واسعة مع جيش الاحتلال الاسرائيلي في هذه المرحلة، لأن الوضع اللبناني الداخلي لم يعد يسمح أو يتحمل حربا واسعا ومؤلمة، والظروف أيضا السياسية والاقتصادية والسياسية والحكومية في لبنان اختلف اليوم عما كانت عليه عام 2006 ، وما توفر للمقاومة من عوامل داخلية وإقليمية وعربية في العام 2006، لم يعد متوفر اليوم نظرا لحالة الانقسام وتوتر العلاقات ونظرا للانهيار المالي والمعيشي وحالة الاستعصاء السياسي والأمني الداخلي الذي أصبح واضح للعيان في ظل ارتفاع منسوب التعصب الطائفي والمذهبي والانقسام السياسي الداخلي.
فالحرب تحتاج لجبهة داخلية متراصة وصلبة وموحدة وتحتاج لعمق عربي وإقليمي تقدم الدعم في مواجهة العدو، ولا يمكن خوض حرب واسعة ضد احتلال وحشي فاجر كالاحتلال الاسرائيلي، في ظل الانهيار المالي والمعيشي والسياسي والاقتصادي والأمني الداخلي، حقيقة يجب أن نراها بدقة من أجل أن نتجاوز المرحلة ونستعد دائما للمواجهة.
فالحرب في جنوب لبنان غير متوقعة، وإطلاق رشقات من الصواريخ وغارات جوية معادية، لا يعني حربا ، فالظروف داخل الكيان الصهيون وظروف حلفائه، والظروف داخل لبنان وظروف التحالفات الداخلية والخارجية لا تسمح بحرب، ولا توفر جوا مريحا وداعما لخيار المقاومة في حرب واسعة ضد الاحتلال .
لكن الأمر ليس سهلا قرب الحدود، وإذا كانت الحرب ممنوعة والسلام حتما سيكون مفقودا خلال المرحلة الحالية والقادمة، فإن الاحتقان القائم وطبيعة مسار التطورات السياسية والامنية وتبادل الرسائل في لبنان ودول الاقليم، ربما بل ومن المتوقع بشكل كبير أن تؤدي إلى موجات من العنف والقصف المتبادل تبقى في حدودها المطلوبة ما يمنع الانجرار لحرب واسعة.