سقطت الجمهورية بفعل الانقسامات السياسية والطائفية التي تطوق كل استحقاق دستوري، فالحكومة يلفها الدخان الأسود بفعل الإمعان بفرض الشروط والمطالب وتحصيل الحقائب، تحت حجة المداورة حيناً والحفاظ على حقوق المسيحيين أحياناً.
وكان اللقاء الأخير في قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي بمثابة عبوة ناسفة لأي أمل بولادة الحكومة.
أما على جبهة تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، فدعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقد جلسة عامة الخميس المقبل، وذلك للنظر في قرار الاتهام في تفجير مرفأ بيروت، إلا أن هذه الجلسة تتخبّط بالانقسامات السياسية والطائفية.
إن القوات اللبنانية تستمر في سياسة “الرفض” التي تعتمدها منذ استقالة وزرائها من حكومة الرئيس سعد الحريري، وهي لا تتجاوب مع أي اقتراح سياسي حتى ولو صب في خدمة قضاياهم، وآخرها رفض القوات التوقيع على اقتراح قانون تعليق العمل بجميع الحصانات بدءاً من رؤساء الجمهورية، مروراً برؤساء الحكومة ومجلس النواب والوزراء والنواب، لمحاكمتهم جميعاً أمام المجلس العدلي.
ووفق معلومات موقع “لبنان الكبير” حاول النائب هادي حبيش إقناع رئيس حزب القوات سمير جعجع بالتوقيع على رفع الحصانات الكاملة والشاملة، إلا أن جعجع بدا إيجابياً في البداية وطلب مهلة ٢٤ ساعة لإعطاء الجواب، والمفاجأة جاءت بإبلاغ حبيش عدم القبول، وهذا ما سبب انتكاسة كبيرة لاقتراح قانون الرئيس سعد الحريري، وانتكاسة أكبر للآليات الدستورية وعدالة التحقيق والمساواة وعدم الاستنسابية بين المتهمين.
أما عن الأسباب الظاهرة لرفض القوات التوقيع فمتمثلة بعدم المس بالموقع الماروني الأول، كما أن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي تدخل وحسم قرار المرجعية المارونية الدينية الأولى بأن الحصانة لن تُرفع عن رئيس الجمهورية ميشال عون.
وعن الأسباب الجوهرية التي تردع جعجع عن التوقيع، أولها أن القانون مقدم من الرئيس سعد الحريري وهو لا يريد أن يسلفه أي موقف داعم له حتى ولو كان القانون يخدم قضية المرفأ، فالتوقيع على رفع الحصانة عن رئيس الجمهورية سيُظهر جعجع على أنه يفرط بحقوق المسيحيين وسينعكس سلباً على شارعه المسيحي.
أما التيار الوطني الحر فسيصوت مع رفع الحصانات عن المدعى عليهم حصراً، لأنهم على سباق مع القوات في الشعبوية، ورئيس التيار جبران باسيل يسعى إلى تحصيل البعض من شعبية فقدها على أبواب الانتخابات، وذلك عبر ركوب موجة ٤ آب وقضية انفجار المرفأ.
فبهذه الأجواء الطائفية، تذهب الكتل النيابية الخميس إلى الجلسة. فالثنائية المسيحية ستصوت على رفع الحصانات بشعبوية ولأهداف انتخابية، ويفترض أن يصوت الباقون على الاتهام بحق الوزراء والسير في تأليف لجنة تحقيق برلمانية ومحاكمة المدعى عليهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
الا أن هذا الضغط المسيحي الذي تمارسه ثنائية التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، يدفع بالنواب المسيحيين الآخرين للانكفاء الى مواقعهم الطائفية ومسيحيتهم بمن فيهم: البير منصور، سليم سعادة، أسعد حردان، هادي حبيش، نزيه نجم، فريد هيكل الخازن وطوني فرنجية، وهذا الانكفاء الى طائفتهم يمكن أن يدفعهم الى عدم توقيع الاتهام والمساهمة في الإطاحة بالدستور والمؤسسات.