لبنان يحترق منذ عامين أو أكثر، وما نيران عكّار إلاّ صورة دامية عن المحرقة، وما تلك الطوابير المتزاحمة أمام المحروقات والخبز والدواء إلاّ موت يُحيكه طُغاة يرقصون على الجثث ويغرّدون بغباء ووقاحة في عزّ المصائب لتقاذف المسؤولية على تويتر.
إلاّ أن طاغي الطُغاة هو من يختبئ وراء عمامة سوداء إرهابية، فجّرت سياسيين وصحافيين وأبادت عاصمة بالنيترات وهرّبت الكبتاغون والسلاح للدول المجاورة.
هو نيرون صغير، لم يكن يغنّي أشعار هوميروس في برجه المرتفع كما فعل نيرون روما قديماً عندما حُرقت مدينته، ولكنّه كان نائماً في قصره… عفواً في بيتنا، بيت الشعب، وكان يعلم بالنيترات، فبقي نائماً.
ولكنّ الغريب أنّه استيقظ صباح الأحد وعقد اجتماعاً طارئاً للمجلس الأعلى للدفاع للبحث في تفجير التليل، مصوّباً أصابع الاتهام إلى أهل عكار الذي نعتهم بـ”الجماعات المتشدّدة”، مثلما فعل نيرون روما الذي اتهم المسيحيين بافتعال الحريق لإبعاد الشبهات عن نفسه.
أهو جنون العظمة الذي بلغ حدّ الإفراط المُثير للشفقة أم هي عُقدة الطائفة السنية التي تجعله يلجأ للطائفية لتحريف الحقيقة ولملمة فساده؟ أليس جورج الرشيد التابع للتيار الوطني الحرّ معروفاً بتهريبه للمحروقات إلى سوريا؟ ألم يطلق النار على الصهريج؟ ليس هناك أسهل من اتهام الطائفة السنية بالإرهاب والتشدّد للتغطية على الجرائم والفساد وإرباك الداخل.
والشمال اللبناني تحديداً هو الحلقة الأضعف، مشلول إدارياً ومُدمّر اقتصادياً، يُحرق باللحم الحيّ ويُتهم بالإرهاب بكلّ وقاحة. أنسيَ الجنرال أن الخزان البشري للجيش اللبناني هو عكار؟ ربّما “العمر إلو حقّه”، ولكنّ التاريخ يقول غير ذلك: خذل العماد الشعب مرّتين ودمّر لبنان مرّتين.
واليوم وبعد متاجرته في الأديان والاستخفاف بجوهرها وإثارة النعرات الطائفية لغايات سياسية، سقط عون سقوطاً مدوّياً في الشارع الماروني خصوصاً.
ليس الإرهابي من قُتل في تفجيري المرفأ وعكار، وهو ليس السني الذي يسكن في صيدا أو طرابلس وعكار، ولا حتى الشيعي في الضاحية أو البقاع والجنوب.
الإرهابي هو من فجّر المرفأ وهو من علم بالنيترات ولم يحرّك ساكناً، هو من افتعل تفجير عكار ومن هرّب المحروقات والدواء والدولار إلى سوريا، وهو الفاسد الذي دمّر لبنان وهو الذي أذلّ شعبه ليدوم عهده.
بقاؤكم في هذه السلطة إرهاب.