قداس شهداء “القوات”: هذه هي الأولويات

16 أغسطس 2021
قداس شهداء “القوات”: هذه هي الأولويات
 جورج حايك
جورج حايك

لا يمكن أن يمر شهر أيلول من دون قداس شهداء المقاومة اللبنانية في روزنامة “القوات اللبنانية”. فهو محطة أساسية لا يمكن إلا الاحتفاء بها مهما كانت الظروف صعبة، فالآلاف من شهداء المقاومة اللبنانية بذلوا حياتهم في سبيل لبنان، ولولا هذه التضحية الكبيرة لم يكن هناك وجود للبنان الذي ينظر إليه كل طرف سياسي، من منطلقاته واعتباراته ورؤيته الخاصة.

لكن الأنظار ستتجه، بشكل بديهي، إلى معراب في 5 أيلول المقبل، حيث التحضيرات بدأت على قدم وساق لهذه المحطة السنوية الوجدانية والسياسية الهامة، وابتداء من منتصف آب الجاري تصبح معراب خلية نحل ليكون كل شيء في مكانه: المسرح، المذبح، الساحة، المقاعد، أجهزة الصوت، المشهد الخلفي مع صورة معبّرة، وقد امتلأت الطرقات بحملة إعلامية لهذا القداس حيث وردة حمراء نبتت في أرض بالأسود والأبيض، وهذه الصورة الرمزية تعبّر عن شهداء باتوا وروداً أهدوا هذه الأرض حياة واستمرارية، والوردة هي الأمل وسط الضيقة التي نعيشها، وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل، وهذا ما تتسلح به “القوات” دائماً!

لن تكون الدعوة عامة لجميع مناصري “القوات”، إنما ستقتصر على المسؤولين الحزبيين وأهالي الشهداء بسبب جائحة كورونا وضرورة التزام اجراءات الوقاية، ولم يُعرف حتى الآن ما إذا كانت الدعوات ستشمل بعض شخصيات من خارج الحزب، إلا أن المناسبة ستنقل عبر أكثر من وسيلة إعلامية.

حتماً إلى جانب الذكرى الوجدانية التاريخية وتكريم المقاومين الشهداء، تشكّل كلمة رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع نقطة الثقل في هذه المناسبة، وهي تكتسب أهمية كبيرة لأنها تكون عادة وجدانية وذات مضمون سياسي مهم، تحدد اتجاهات “القوات اللبنانية” في المرحلة المقبلة، وعادة ما تكون نبرة جعجع قويّة وعالية، قاسية سياسياً في حق المسؤولين المتقاعسين من جهة، ووجدانية تأملية استذكارية لتضحيات الرفاق المقاومين من جهة أخرى. ومن المتوقع أن تشمل الكلمة النقاط الآتية:

أولاً، عنوان الذكرى هذه السنة يبدو معبّراً “مقاومة مستمرة”، وسيكون هذا العنوان مادة أساسية في الكلمة، لأن المؤامرة على لبنان لم تنته، وللأسف المتآمرون هذه المرة لبنانيون في الهوية، لكنّ سلاحهم ومالهم وطعامهم من دولة أخرى وانتماءهم خارجي ويخدمون مصالح خارجية على حساب الدولة وقرارها الحر وسيادتها وحرية شعبها وأمنها الاقتصادي والاجتماعي، لذلك المحنة مستمرة والمقاومة مستمرة، والقضية التي استشهد لأجلها الآلاف في المقاومة اللبنانية لا تزال هي هي، لذلك سيستحضر جعجع وجدانياً تضحيات هؤلاء المقاومين الشهداء ليعزز مقوّمات الصمود لدى المقاومين الأحياء، لأن ما يمر به لبنان حالياً ليس أقل خطورة مما مرّ به سابقاً خلال الحرب اللبنانية، وخصوصاً لجهة تغيير وجهه الحضاري.

ثانياً، لن يكون الهمّ المعيشي والحياتي والاقتصادي والاجتماعي بعيداً عن كلمة جعجع،. فالشعب اللبناني يعاني الأمرّين من هذا الوضع، وبالتالي فإن مناصري القوات هم جزء من هذا الشعب ويعيشون الذل والعذاب والحاجة المالية. وسيحدد جعجع بصراحة الأسباب التي آلت إليه هذه الأوضاع والحلول المتاحة، وسيسمي بالإسم الجهات التي حوّلت حياة المواطن إلى جحيم!

ثالثاً، مأساة أهالي شهداء انفجار مرفأ بيروت ومعركة رفع الحصانات التي أطلقها القاضي طارق بيطار تعتبر من المحاور الأساسية في كلمة جعجع، لأن “القوات اللبنانية” اعتبرت هذا الانفجار وتداعياته قضيتها الأساسية، بل واكبت الأهالي المتضررين من خلال Ground 0 وقدّمت المساعدات ورمّمت الكثير من المنازل ووقفت إلى جانب شعبها وأهالي الشهداء، وقدّمت عريضة إلى الأمم المتحدة لتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية. وعندما أظهر القاضي بيطار جديّة ورصانة في التحقيق وطلب رفع الحصانات، كانت “القوات” من الداعمين الأساسيين والجديين من دون شعبوية واستعراض، علماً أن كثراً من الذين استشهدوا في الانفجار هم من محازبي “القوات” ومناصريها، وبالتالي قداس الشهداء سيكون مخصصاً لهم أيضاً مع شهداء المقاومة. ولن يوفّر جعجع جهداً أو مبادرة لمساعدة بيطار من أجل الوصول إلى الحقيقة.

رابعاً، يأتي قداس شهداء المقاومة اللبنانية عشيّة استحقاق الانتخابات النيابية، الأمر الذي يعتبر معركة أساسية لـ”القوات” من أجل تغيير السلطة الحاكمة التي عاثت في البلد فساداً وأدى سلوكها وممارساتها ولا سيما حزب الله والتيار الوطني الحر إلى عزل لبنان عن المجتمعين العربي والدولي، لذلك سيرسم جعجع خارطة طريق لمعالم المعركة الانتخابية ويحدد الأهداف والثوابت لجهة بسط سيادة الدولة وكيفية إدارتها، وسيضع الشعب اللبناني أمام مسؤولية اختيار سلطة جديدة تنقذ لبنان لأنها الطريق الوحيد الذي يخرج لبنان من الوضع البائس الذي يتخبط فيه. وستكون يد “القوات” ممدودة إلى كل الأفرقاء الحريصين على المصلحة اللبنانية والمنسجمين مع ثوابت “القوات”.

هذه هي أبرز الأولويات المتوقعة التي ستشكّل المادة الأساسيّة لمضمون كلمة جعجع في مناسبة ينتظرها المراقبون، والأهم فيها تجديد الوعد لهؤلاء الشهداء الخالدين الذين بذلوا دماءهم على مذبح الوطن، بأن “القوات اللبنانية” لا تزال وفيّة لقضيتهم و… المقاومة مستمرة!