هل يعقُل رئيس الجمهورية ميشال عون ويتعقل بمطالباته الحكومية قبل أن يبيد شعباً ويحرقه في نار جهنم؟
“بيّ الكل” أصبح خطراً فتنوياً، فرّق بين أبنائه، ونشر الضغينة بينهم، عذبهم وأذلّهم في لقمة عيشهم، وهو يطالب بحقوق المسيحيين منهم وكأن المسلمين نزلاء في الوطن مكتومي الحقوق.
لم يأتِ على لبنان رئيساً وحّد الحلفاء والخصوم ضده، كالرئيس عون، ولم يُسجل في لبنان شخصية جعلت من ممارساتها مركزاً للاصطفاف الطائفي سياسياً ودينياً، كالرئيس ميشال عون. فإن مذكرة الإحضار الصادرة بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وحدت الطائفة السنية وجعلت قياداتها السياسية والروحية بحال التفاف حول موقع رئاسة الحكومة، فاتهم رؤساء الحكومات السابقون دوائر القصر الجمهوري بالوقوف خلف هذا الاستهداف للموقع الدستوري، كما توجه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بالمباشر إلى رئيس الجمهورية بتذكيره أننا ذاهبون الى أبعد من جهنم التي بشّرنا بها.
وحتى اللقاء التشاوري القريب سياسيًّا من العهد وخطه، وجد نفسه مجبراً على الوقوف خلف الموقع الدستوري السني الأول.
هل يكون هذا الاصطفاف الطائفي وخطورته على السلم الأهلي دافعاً لرئيس البلاد بأن يتعقل ويسهّل ولادة الحكومة؟ أم سيكون لعون مدخلاً للتشدد أكثر بمطالباته؟
هل يضع عون في حسبانه أنه اذا اعتذر الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، لن يجد شخصية سنية تقبل بأن تترأس حكومة في عهده؟ ولن يجد أي كتلة نيابية تسمي في الاستشارات الملزمة أو حتى تشارك في الحكومة. وهذا الموقف السني سيكون مدعوماً من رئيس مجلس النواب نبيه بري وربما من “حزب الله” بداعي وأد الفتنة الناجمة عن إقصاء المكون السني..
من الواضح أن رئيس الجمهورية لن يتراجع، والدليل ما قاله النائب جميل السيد، الذي وفق معلومات موقع “لبنان الكبير” التقى رئيس الجمهورية، وخرج مغرداً: ميقاتي سمّى 5 وزراء سُنة، الشيعة 5 شيعة، والدروز 2 دروز!
بغياب القوات والكتائب، حصل فرنجية على 2 مسيحيين، والقوميين 1، يبقى 9 وزراء مسيحيين، مين لازم يسميّهم؟!
عون او ميقاتي؟ طالما الفريق المسلم احتكر المسلمين، شو خصّو بالحصة المسيحية؟!
النائب السيد تكلم بلسان القصر الجمهوري، وعكس طريقة تفكير عون ومن حوله، وفي هذا الكلام عودة في الملف الحكومي إلى المربع الأول، وحتى إلى ما قبل اعتذار الحريري، فنفس النهج لا يزال قائماً، ولا يزال مطالباً بالثلث المعطل جهاراً، أي بعشرة وزراء في حكومة من ٢٤ وزيراً.
كلام القصر الجمهوري ترد عليه أوساط رؤساء الحكومات السابقين بقراءة أخرى، فالسنة سموا ٥ والشيعة أيضاً، ولا أحد من المكونين استحوذ على تسمية الوزراء العشرة المسلمين، فكيف لرئيس الجمهورية الحق بتسمية عشرة وزراء مسيحيين؟
وتذكر هذه المصادر الرئيس عون بمواقفه في حقبة الرئيس السابق ميشال سليمان، الذي لطالما علّى الصوت ضد تخصيص وزراء له، فماذا تغير لكي يصبح مطالباً بحصة ١٠ وزراء له؟ وخصوصاً أنه ليس في الدستور حصة لرئيس الجمهورية، هذا بالإضافة الى أن عون نفسه لم يحصل على أكثر من ٣ وزراء في حكومة ثلاثينية، في حكومتي الحريري في بداية عهده، فكيف له أن يحصل الآن على ١٠ وزراء في حكومة ٢٤؟ هذا النقاش العقيم، رآه حليف عون الوحيد السيد حسن نصرالله نقاشاً لن يفضي إلى نتيجة ولن يؤلف حكومة، وسيكون باباً لرمي تهم التعطيل كل فريق على الفريق الآخر.
فهل يكون مصير نجيب ميقاتي كمصير سعد الحريري؟ ما يؤخر الاعتذار هو تمني الثنائي الشيعي على ميقاتي بالتريث لأن هناك استحالة بتسمية بديل منه.
فالرئيس بري يبدو قد يئس الحلول في ظل عقلية عون المدمرة، والرئيس الحريري سئم تجربة المجرب، ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط يخاف الفتن في أرضية باتت خصبة.
والسيناريو الأكثر ترجيحاً، استمرار الرئيس حسان دياب في تصريف الأعمال حتى نهاية العهد، والنتائج المدمرة ستقع على رأس اللبنانيين إلى حين تحرير القصر من النهج الحاقد المدمر.