لبنان ودرعا: مؤامرة النفط والغاز بين إيران وأميركا؟

1 سبتمبر 2021
ما يجري يقود إلى متغيرات هائلة في لبنان وسوريا وتركيبتهما الاجتماعية والسياسية والاقتصادية
ما يجري يقود إلى متغيرات هائلة في لبنان وسوريا وتركيبتهما الاجتماعية والسياسية والاقتصادية
منير الربيع
منير الربيع
يتبادر في ذهن مراقب التطورات الجارية في لبنان والمنطقة، سؤال واحد، قد ينمّ عن طفولية سياسية، لكنه سؤال مشروع: هل ما يجري منسّق ومرسوم بدقّة؟ وبمعنى أوضح: هل يمكن الاستسلام لـ”نظرية المؤامرة”، أم أن ما يجري مسار سياسي طبيعي، تتداخل فيه جملة عوامل وتقاطعات وتناقضات سياسية وشعبية وإقليمية ودولية، تؤدي إلى هذه التحولات كلها، وتبقي اللعبة السياسية بين القوى في خانتي رابح وخاسر؟

وتصعب، بل تستحيل القدرة على الحسم والوصول إلى جواب شاف على هذه الأسئلة. وهي أسئلة تصدر عن مجريات ما يحصل ونتائجه، من لبنان إلى سوريا، وصولاً إلى افغانستان.

والسؤال الكبير الجامع، هو: هل هُزمت أميركا وانسحبت؟ أم أنها نجحت في إرساء مشروع، ثم غادرت بعد نجاحها في حمل طالبان على القتال بدلاً منها، لتفعيل وقائع جديدة تربك إيران وروسيا والصين؟ والإجابة يتكفل بها التاريخ ومساره وتحولاته.

لماذا هذه المقدّمة؟
ما جري مؤخراً، لبنانياً وسورياً في الحدّ الأدنى، يدفع إلى تكاثر الأسئلة حول التطورات.

فحزب الله يعلن منذ مدة عن استعداده لشحن النفط الإيراني إلى لبنان، وسط مواقف أميركية معترضة على ذلك.

ومنذ مدة أبعد يبحث لبنان في إمكان استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سوريا، لكن الإجراءات الأميركية وقانون قيصر يمنعان ذلك.

وبعد إعلان نصر الله عن إبحار السفينة الإيرانية الأولى في اتجاه البحر الأبيض المتوسط، سارعت السفيرة الأميركية للإعلان عن استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا، فسقطت مفاعيل قانون قيصر.

وحسب معطيات مؤكدة حتى الآن، سترسو باخرة النفط الإيرانية في بانياس، وسط غض نظر أميركي وإسرائيلي عنها.

وفي المقابل، يحتاج استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سوريا إلى موافقة أميركية واستثناءات من قانون قيصر.

ويبدو أن هذا أصبح متوفراً.

وتؤكد معلومات أن استجرار الكهرباء يحتاج إلى صيانة الشبكة، وخصوصاً في محافظة درعا.

وهذا يحتاج إلى 8 أشهر ليتمكن لبنان من الحصول على الكهرباء التي يستفيد منها النظام السوري أيضاً، وعلى حساب البنك الدولي.

والأمر نفسه ينطبق على الغاز المصري.

فيدراليات محطات البنزين نموذجاً
فهل يُعدّ ذلك هزيمة لأميركا لصالح إيران والنظام السوري؟ أم أنه مسار مرسوم، وخصوصاً أن لبنان وسوريا يغرقان في الفوضى أكثر فأكثر.

فموافقة واشنطن على استقدام حزب الله النفط الإيراني، يشرّع لقوى سياسية وغير سياسية أخرى استجرار المحروقات بشكل متحرر عن الدولة.

وهناك نقابات عدة بدأت تعدّ العدّة لذلك، وحصلت على أذونات.

وهناك قوى سياسية تمتلك شركات نفطية ستعمل على جلب المحروقات على حسابها.

وهذا يكريس مفهوم “الإدارات الذاتية”، ترجمة أوسع لفيدراليات محطات البنزين في مختلف المناطق.

فهل هذا أمر مرسوم أميركياً في مشروع له مفعول رجعي يعود إلى السبعينيات والثمانينيات؟ أم أنه نتيجة طبيعية لصراع سياسي ظهرت نتيجته مؤخراً بتراجع أميركا أمام إيران وحزب الله؟

المعركة في درعا
شبكة الكهرباء الأردنية تمر عبر درعا. وهذا يحتاج بلا شك إلى إنتاج تفاهم إقليمي-دولي حول الوضع في محافظة درعا.

تفاهم يشترك فيه الأميركي والروسي والإيراني والإسرائيلي.

وفيما محاولات تسوية الوضع في درعا لم تنجح حتى الآن، واستعاد النظام السوري التصعيد العسكري مدعوماً من روسيا وإيران.

لذا تكون درعا أمام احتمال من اثنين: إما اتفاق على تهجير مقاتليها إلى إدلب في إطار تسوية، وإما تصعيد عسكري ومحاصرة أولئك المقاتلين لإخراجهم من المحافظة.

وهذا يؤدي إلى تسجيل النظام السوري انتصار جديد، ومن خلفه إيران.

فهل ذلك أمر طبيعي؟ وهل يحصل هذا الانتصار على أميركا بقوة طهران والنظام السوري؟ أم أنه جزء من تسويات أو “مؤامرات” مرسومة، يدفع الناس أثمانها في سبيل خطوط النفط والغاز؟

عصر المؤامرات والطوائف
وتؤكد معلومات أن واشنطن منحت لبنان والأردن ومصر موافقتها لتمرير الغاز والكهرباء عبر سوريا. واصبحت متوفرة مقومات الاستثناء من قانون قيصر.

وهذا يعني أيضاً انتصار لإيران وحزب الله، أم أنه نوع من التنافس الأميركي مع إيران، ومواجهة النفط بالنفط؟ أو هو ضمن سياق الخطة المرسومة في الصراعات المستمرة والمتصاعدة على قواعد طائفية ومذهبية ومناطقية يشهدها لبنان وتشهدها سوريا بشكل واضح هذه الأيام؟

من الصعب الحسم والإجابة على السؤال: أنعيش عصر المؤامرة وتبلورها، أم لا؟!

ولكن من السهولة التقدير أن ما يجري من تحولات يقود إلى متغيرات هائلة في لبنان وسوريا وتركيبتهما الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وسواء طال أمد الصفقة النووية أم تسارع توقيعها.

في كلا الحالتين الانهيار مديد والأزمة طويلة.