“الإدارة الدولية” تراقب إنفاق أموال صندوق النقد… وسلامة القاضي بيطار

3 أكتوبر 2021آخر تحديث :
“الإدارة الدولية” تراقب إنفاق أموال صندوق النقد… وسلامة القاضي بيطار
وليد شقير
وليد شقير

تنتظر الدول المعنية بوقف الانهيار اللبناني خطوات الحكومة العاجلة وفق الأولويات الملحة التي تفرض نفسها على رئيسها نجيب ميقاتي، وهي تتلخص بتأمين رفع التغذية في التيار الكهربائي وضمان انتظام تدفق المحروقات وتفادي الانقطاع فيها وإنهاء آفة الطوابير وغموض الأسعار، وتأمين انتظام العام الدراسي في شكل يضمن عودة القطاع التعليمي إلى سابق عهده.

الإدارة الدولية للأزمة اللبنانية أن تستند إلى ما قام به عدد من الدول المعنية من أجل المساعدة على إطلاق الحلول لهذه العناوين الثلاثة العاجلة وتنتظر من الحكومة القيام بما عليها في شأنها، تمهيداً للانتقال إلى الأولويات الأخرى المتوسطة المدى.

فالجانب الأميركي ساعد في تأمين الغطاء السياسي والقانوني لاستجرار الكهرباء من الأردن عبر سوريا بعد إعفاء لبنان من عقوبات قانون قيصر. وهو إعفاء يشمل استجرار الغاز المصري عبر الأردن وسوريا أيضاً.

والتحرك السريع من الأردن بزيارة رئيس وزرائه بشر الخصاونة الأسبوع الفائت إلى بيروت على رأس وفد وزاري كرّس حماس عمّان لمساعدة لبنان لإخراج لبنان من العتمة الشاملة.

ويبقى على الحكومة متابعة مسألة استجرار الغاز المصري والعمل على إصلاح خط أنبوب الغاز العربي، إضافة إلى زيادة استيراد الفيول أويل واستبداله ليكون صالحاً لاستخدامه في تشغيل معامل الإنتاج.


وهي خطوات لا بد منها من أجل رفع التغذية تدريجاً في الأشهر المقبلة إلى 14 ساعة يومياً.


كما يعود للحكومة أن تضمن انتظام استيراد المحروقات والبنزين مع الانخفاض التدريجي للحاجة إلى استيراد المازوت، إذا خفض ارتفاع التغذية بالتيار الكهربائي فاتورة استيراده للمولدات، ما يؤدي إلى تراجع فوضى التسعير والتخزين والاحتكار نسبياً.

ولم يكن حصول وزارة التربية على 70 مليون دولار من أجل تأمين انطلاق الدراسة في العليم الرسمي بعيداً من جهود الدول الغربية مع البنك الدولي.

التصدي للأولويات العاجلة إذا نجح هو بمثابة “أخذ النفس” بحسب مقربين من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، “بحيث لا نجلس في العتمة”، ما يتيح الانتقال إلى الأولويات اللاحقة المتعلقة أولاً ببدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي، حيث تعمل لجان مختصة مرتبطة بالوفد الوزاري الذي شكلته الحكومة برئاسة نائب رئيسها سعادة الشامي، وبإشراف ميقاتي تحضيراً لملفات الاتفاق المتكامل مع صندوق النقد الدولي. وهذا يشمل مراجعة خطة التعافي التي وضعته الحكومة السابقة، وترتيب أولويات الخطة الجديدة التي تتناول تقليص نفقات القطاع العام وزيادة وارداته، وتحديد الخسائر المالية وتوزيعها على الدولة ومصرف لبنان والمصارف، مع تجنب المس بأموال السواد الأعظم من المودعين بإجراءات تضمن تسديدها على مراحل، والتفاوض مع الدائنين، وصولاً إلى خطة النهوض الاقتصادي التي تسمح بتحريك الاقتصاد وخفض البطالة وإنعاش القطاعات المختلفة… مع ما يشمله كل ذلك من إصلاحات.

بات دور الإدارة الدولية للوضع اللبناني في مواكبة خطة الحكومة، أكثر مما يقوم على تدبير أو صرف أموال المساعدة المالية التي لن تفتح أبوابها قبل التأكد من الإصلاحات. وفي هذا السياق تأتي زيارة المنسق الفرنسي للمساعدات للبنان بيار دوكين بدءاً من الإثنين، وليس من أجل البحث في تمويل المشاريع التي كان أقرها مؤتمر “سيدر”، والذي كان في أساس تعيينه في هذه المهمة. صارت مهمة دوكين المواكبة، ومراقبة ما تقوم به الحكومة من إجراءات وإصلاحات، لأن المسؤولين اللبنانيين تبلغوا أن عليهم أن ينسوا المساعدات التي أقرها مؤتمر “سيدر” في هذه المرحلة. وهذا ما سمعه ميقاتي خلال زيارته باريس قبل عشرة أيام، بصراحة، بحسب تأكيد مصادر واسعة الاطلاع على نتائج لقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وسائر المسؤولين بمن فيهم دوكين نفسه.

وأول الامتحانات سيكون كيف ستوزع الحكومة إنفاق قيمة سندات السحب الخاصة التي حصل عليها لبنان من حسابه في صندق النقد الدولي والتي تساوي مبلغ المليار و135 مليون دولار التي باتت في في حساب وزارة المال.


فالإدارة الدولية ستراقب كيف سيتم إنفاقها وعلى أي قطاعات.


إذ إن صندوق النقد أوصى بتوظيف هذا المبلغ في تلزيم أحد معامل الكهرباء، وفي تمويل شبكة الأمان الاجتماعي (البطاقة التمويلية التي يفترض أن تعوض جزئياً عن رفع الدعم والغلاء الهائل في المعيشة)، وتدعيم قدرات مصرف لبنان على ضبط سعر الصرف.

إلا أن القرار النهائي في توظيف هذا المبلغ يعود في نهاية المطاف إلى الحكومة، لأن ما أوصى به الصندوق يبقى في نطاق التوصية ولا يلزمها.

لكن الدول المعنية بالمساعدة ستراقب هذا كيفية إنفاق هذا المبلغ لتبني بناء عليه استنتاجاتها حول مدى إنفاقه وفق الأوجه السليمة، من دون العودة إلى أوجه الهدر والسرقة والتنفيعات السياسية في تمويل بعض المشاريع التي قد يستخدم فيها.

كما أن أحد مقاييس حسن صرف المبلغ المذكور على تأهيل قطاع الكهرباء سيكون مجدداً في مدى تجاوب لبنان مع المطلب الدولي المزمن بتشكيل هيئة ناظمة للكهرباء تشرف على القطاع، وهو أمر لا يبدو أن الطريق سالكة أمامه بناء لإصرار الفريق الرئاسي و”التيار الوطني الحر” على تقليص صلاحيات تلك الهيئة لمصلحة إبقاها في يد الوزير.


لن تقتصر الإدارة الدولية للوضع الحكومي على مواكبة عمل الحكومة ومراقبته.


 ومن الطبيعي أن يشمل مسائل سياسية جوهرية، مثل التحضيرات للانتخابات النيابية المقبلة بع زهاء ستة أشهر، مع وضع آليات لمراقبتها قد تكون أكثر دقة وشمولية هذه المرة مقارنة ببعثة الاتحاد الأوروبي التي راقبت انتخابات العام 2018.

لكن الأهم على الصعيد السياسي، أن الإدارة الدولية للبنان أخذت تفتح عيونها على التحقيق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت وبكل ما يحيط بهذه القضية من تفاصيل أثارت ضجة داخلية وخارجية أكثر من أي مرة منذ 4 آب 2020. وهو ما دفع مجلس الأمن إلى إصدار موقف يحض على استمرار “تحقيق سريع ومستقل ونزيه وشامل وشفاف” في الجريمة، في معرض ترحيبه بقيام الحكومة، وبعد انفضاح خبر تلقي المحقق العدلي القاضي طارق بيطار رسالة تهديد من مسؤول الارتباط والتنسيق في “حزب الله”، بسبب المنحى الذي يسير به في عمله.

وتقول مصادر دبلوماسية إن الدول الرئيسة (فرنسا والولايات المتحدة الأميركية) المعنية بإدارة الأزمة اللبنانية لم تقف عند حد استصدار بيان عن مجلس الأمن تناول التحقيق في انفجار المرفأ، بل أنها أبلغت السلطات اللبنانية أن مسؤوليتها حماية القاضي بيطار من أي مكروه قد يستهدفه، ووجوب ضمان عدم التعرض له على الصعيد الأمني.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.