في جلسة “سنّية” بامتياز، سأل أحد الشبان المندفعين: “سمير ما وقف معنا… ليه بدنا نوقف معه؟”، أتاه الجواب: “بين حزب الله والقوات، يجب أن نكون مع القوات”.
طبعاً لم يقتنع الشاب بالجواب، مقدِّماً مطالعة عن مواقف “القوات اللبنانية”، وعدم وقوفها إلى جانب “المستقبل” والسنّة في ذروة الصراع مع “التيار الوطني الحر”، خصوصاً في معارك التشكيل، وأن جعجع وضع موقع رئاسة الجمهورية وحقوق المسيحيين أولوية على الاستراتيجية العميقة القائمة على مواجهة “حزب الله”، ولم يلتفت إلى حماية موقع رئاسة الحكومة، بل ساهم مع ميشال عون صهره في إضعافها.
طبعاً تشعّب الحديث، وعاد أحدهم إلى “14 آذار” وحاجة إعادة التحالفات بمواجهة “حزب الله”، ليتحوّل الكلام إلى أشبه بعملية تقويمية لأداء “القوات” منذ العام 2015 حتى اليوم.
وكان الشاب المندفع والمعترض على أداء جعجع هو الأكثر حديثاً. وفي الكلام عن السنّة والقوات، استطاع أن يسكت الجميع عندما طرح السؤال: “ماذا كان موقف جعجع من قانون العفو العام؟ لماذا لم يصوّت لمصلحة العفو الذي يطاول سنّة مظلومين وغالبيتهم واجهوا النظام السوري في الشمال وأذرعته آنذاك، وواجهوا حزب الله في عبرا؟”، طبعاً يُوضع هذا السؤال في صلب العملية التقويمية، لأنه برأي الشاب السني أن “العونيين والقواتيين” ينسجمون في الأهداف والمضمون وأحياناً في الأسلوب ويختلفون في الشكل.
وعرّج الشاب بحديثه في موقع رئاسة الحكومة وكيف أن جعجع ترك حليفه الرئيس سعد الحريري في محطات عدة، ولم يتردد الشاب في استخدام مصطلح “طعن بنا”.
ولحرصه على الحقيقة والعدالة في ملف تفجير المرفأ، قال: “ليه رفض جعجع رفع الحصانة عن ميشال عون مرشح حزب الله؟ فقط يريد محاسبة رئيس حكومة؟ لماذا لم يوافق على طرح المستقبل برفع كل الحصانات؟”.
لم يترك “بحصة” إلاً وبقّها تجاه “القوات اللبنانية”، من “اتفاق معراب”، مروراً بأزمة الحريري عام 2017، وقانون الانتخاب الطائفي، وصولاً إلى أداء “القوات” في حكومة ما بعد الانتخابات وفي مراحل التشكيل المتعددة.
وتوقف هنا مذكّراً بمعارك حكومية خاضها الحريري لتحسين حجم حليفه القواتي، ومرّ على معركة حريرية إلى جانب “التقدمي الاشتراكي” في ملف قبرشمون.
الشاب نفسه، كان يتعمّد عند كل مفترق أن يثبّت رفضه القاطع لمنطق “حزب الله”، وحتمية المواجهة السياسية معه، متسائلاً في الوقت عينه عن مصير المباحثات السعودية – الايرانية.
قارب الشاب الأمور، كما يجسّدها الإعلام، بأن “حزب الله” تعرّض لضربات، في شويا وخلدة ونعم في الطيونة: “لكن كيف تعاطى جعجع مع ملف خلدة؟ ألم تصف فئة من جمهور القوات (وليس القيادة)، عبر مواقع التواصل السنّة من العشائر الذين واجهوا “حزب الله” بالدواعش”؟
ليصل إلى خلاصة واضحة: “لن نكون إلى جانب حزب الله واللاشرعية… وفي الوقت عينه لن نكون مع جعجع في شعبويته المسيحية او حتى في محاولة حشد مواقف انتخابية سنية معه، لأنه لم يقف مع السنّة بل أضر بهم.
يجب أن لا نكون لا مع من طعن الدولة ولا مع من طعننا.
منطلقنا الوطني الدولة ولا شيء سوى الدولة”.
حديث أظهر شرخاً واضحاً رسمته “القوات” مع السنّة خلال العقد المنصرم.
هي مجرد وجهة نظر شاب قد تصحّ وقد تتبدل وتتغيّر، وقد تكون خاطئة خصوصاً في نظر الذين يمنّون أنفسهم بـ”سين – سين” (سعد – سمير).
الجلسات الخاصة كثيرة، وفي إحداها قراءة لديبلوماسي عربي محنّك، يعتبر فيها أن “المشكلة ليست فقط في حزب الله الذي ضرب الدولة وصنع دويلة تعمل على تغيير هوية لبنان، بل العطب المركزي في الدولة، متمركز في الزعامة المارونية والأداء الماروني خلال السنوات الماضية وخصوصاً في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون.
أداء بلغ القعر وانجرف معه رئيس القوات سمير جعجع في حملة مزايدات مسيحية تضرب اللوحة المارونية الوطنية التي عهدها العرب واللبنانيون”.
وبالنسبة إلى الديبلوماسي فإن “حادثة الطيونة استفاد منها جعجع بشكل كبير، لكنها لا توصله أو باسيل إلى رئاسة الجمهورية، بل المستفيد الأكبر من الصراع هو رئيس المردة سليمان فرنجية”.
ويضيف: “وصول فرنجية سيكسر ظاهرة ايصال صاحب أكبر كتلة مسيحية إلى رئاسة الجمهورية، وسينهي بدعة الرؤساء الأقوياء، وفي الميزان والمتغير الاقليمي تبقى سياسته الأقرب للكرسي.
كما أنه إلى اليوم يحافظ على أفضل علاقة مع السنّة والشيعة، واسمه غير مستفز للعرب والمسلمين، لكن تبقى الصورة غير محسومة فالانتخابات الرئاسية بعد نحو سنة، والنيابية قد تشهد مفاجآت سياسية وليس تغييرية… فلننتظر ونراقب”.