“المبادرة” السعودية-الخليجية بلحظة خروج الحريري: الصدام الوشيك

25 يناير 2022
“المبادرة” السعودية-الخليجية بلحظة خروج الحريري: الصدام الوشيك
منير الربيع
منير الربيع

لم تأت “المبادرة” (أو بالأحرى الشروط) السعودية-الخليجية ببنودها الواضحة من فراغ، أو من سياق منفصل عن التطورات اللبنانية والإقليمية. فالمبادرة منسّقة بتفاصيلها مع المملكة العربية، الأردن، فرنسا، الولايات المتحدة، وقوى دولية أخرى، وفق قول وزير خارجية الكويت. أهدافها بالتوقيت والمضمون مترابطة.

إنذار متجدد للبنان
في التوقيت، تزامنت زيارة وزير خارجية الكويت مع عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، وإعلانه عن عدم مشاركته في الانتخابات النيابية، هو وتيار المستقبل. وهذا مؤشر تضعه مصادر ديبلوماسية متابعة في خانة الانتقال إلى مرحلة جديدة، تقتضي الخروج عن سياسات التنازل لحزب الله. وهذا يضع لبنان في مواجهة سياسية متعددة الأبعاد.

والسعودية أرادت من المبادرة القول للمجتمع الدولي أنها جاهزة لمساعدة لبنان والتعاون مع اللبنانيين، ولكن بشروط دولية ملزمة سبقت المبادرة وأُعلنت خلال اللقاء السعودي-الفرنسي. وهي في الأساس شروط المجتمع الدولي. أما مهلة الأيام الخمسة، فتستبعد المصادر إمكان اتفاق على بنود المبادرة خلالها.

ولكن الهدف هو القول للمجتمع الدولي إن السعودية ودول الخليج جاهزة للتعاون مع لبنان ومساعدته، لكن اللبنانيين يرفضون وغير قادرين على تحقيق ذلك. والحكومة اللبنانية لم تتمكن من إلزام حزب الله وقف تدخلاته الخارجية، ولا ضبط المعابر الحدودية ووقف عمليات التهريب.

وتعتبر المصادر أن الغاية هي إيصال رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن لبنان هو الذي لا يستجيب للمبادرات. ما يعني تعرضه لإجراءات جديدة. أو في الحد الأدنى عدم حصوله على مساعدات، تمكنه من الخروج من أزماته المتوالية.

ولا يختلف التوقيت عن موعد فرنسي-سعودي جديد. وتكشف مصادر أن وفداً ديبلوماسياً فرنسياً يزور الرياض هذا الأسبوع، ويشارك فيه مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، للبحث في المعضلة اللبنانية، وكيفية توزيع المساعدات الإنسانية المتفق عليها بين الفرنسيين والسعوديين في زيارة ماكرون الرياض. ويبحث الوفد الفرنسي في إمكان تفاهم حول ترتيب العلاقات الخليجية- اللبنانية، ليكون الجواب السعودي إن ذلك يرتبط بما يتحقق على صعيد المبادرة التي قدّمتها دولة الكويت.

رد حزب الله
وينقسم اللبنانيون في تلقفهم المبادرة: بعضهم يؤيدها. آخرون يحاولون النأي بأنفسهم عنها وعن تداعياتها. وبعض ثالث -تحديداً حزب الله- يرفضها رفضاً قاطعاً وكاملاً، لا بل يبحث في الردّ عليها بطريقة قاسية جداً، باعتبارها مبادرة لإذلال لبنان ودفعه إلى تقديم فروض الطاعة.

ولا يمكن فصل موقف حزب الله عن التصعيد الذي تشهده المنطقة. وكذلك عن تصعيد الحزب إياه محلياً، سياسياً وإعلامياً، على اعتبار أن إبعاد الحريري عن المشهد الانتخابي والسياسي هدفه الدفع إلى تصعيد سياسي كبير في لبنان. وإبراز دور شخصيات سياسية تعتبرُ من صقور المعارضين لحزب الله. لا بل أكثر من ذلك: فقد يذهب الحزب عينه إلى التحذير من أن البديل عن الحريري، هو إحياء عمل الجماعات المتطرفة على الساحة اللبنانية بهدف تفجيرها.

تصعيد موقت أو مستمر
وفق هذه الوقائع، يبدو لبنان أمام لحظة مفصلية تتعلق بهذه المبادرة وآلية التعاطي معها. وسيربط مصيره أكثر بمصير مفاوضات فيينا، وما ستؤول إليه العلاقات الإيرانية-الأميركية.

ففي حال حصل بعض التقدم في فيينا، وانسحب على بعض المعضلات الإقليمية، قد ينعكس ذلك شكلاً من أشكال التهدئة في لبنان. لكنها ستكون مسبوقة بالكثير من التصعيد السياسي، وباستخدام الأطراف اللبنانية أوراقها لتحسين شروطها وتعزيز مكاسبها.

أما إذا استمر التصعيد الإقليمي والدولي، فينعكس حكماً على الساحة اللبنانية، التي أصبحت جاهزة لذلك التصعيد.

المصدر المدن