نكبة الطائفة السنّية المظلومة

27 يناير 2022
نكبة الطائفة السنّية المظلومة

Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/beirutnews/public_html/wp-content/themes/newsbt/includes/general.php on line 742
 يارا عرجة
يارا عرجة

لا يوجد بين المكوّنات اللبنانية فئة ينطبق عليها صفة “المظلومة” كالطائفة السنّية المُستهدفة منذ السنوات الأخيرة للحرب، مع احتلال القوات السورية للبنان وسيطرة الميليشيات على بيروت ونفي الرئيسين صائب سلام وتقي الدين الصلح، واغتيال المفتي الشيخ حسن خالد وتفريغ بيروت من سكانها خلال “حرب التحرير”.

لم تسلم الطائفة السنّية من هذا المخطط الخبيث الذي استمرّ في فترة ما بعد الطائف، إذ حُجّم دورها السياسي والوطني ووقعت بين مخالب مجتمع يرفضها وسلطة تدفعها لمواجهة الشعب الذي قال عنها ما ليس فيها: اتُّهمت بالتعصّب والإرهاب والتعاطف مع داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية التي هددت أمن الدولة.

كما اتُّهمت بالفساد والسرقة والتبعيّة العمياء للزعيم وحُمّلت مسؤولية الانهيار المالي والسياسي الذي يشهده لبنان اليوم. لكن الواقع يقول العكس وأكثرهم للحق كارهون:

أوّلاً، لم تنشأ الأحزاب السنّية على مبدأ عقائدي وغرائزي ديني كغيرها من الأحزاب اللبنانية، وبذلك تعتبر الأحزاب السنّية فعلياً أحزاب علمانية عابرة للطوائف.

ثانياً، أثبتت أنّها نهج الاعتدال والانفتاح والوحدة الوطنية بعد اغتيال رفيق الحريري، إذ تجاوزت الاعتبارات السياسية والحزبية وخاضت تجربة “التحالف الرباعي” مع الخصوم الذين كانوا حينها، يشكرون سوريا المتهمة بالاغتيال في مهرجان 8 آذار.

ثالثاً، قُيّد دور السُنّة السياسي مع الحدّ من صلاحيات رئيس الحكومة التي أرساها الدستور، وكانت بالتالي ضحيّة التعطيل في الحياة السياسية والبرلمانية بعد التهديد المستمرّ بانسحاب بعض القوى من الحكومة. بالإضافة إلى أحداث 7 أيار التي تجلّت بسيطرة حزب الله عسكرياً على بيروت ومحاصرة السراي الكبير والضغط على الأفرقاء السياسيين لإسقاط الحكومة وتغيير الطائف الذي ما زال يسعى إليه حتى كتابة هذه السطور.

وقد كرّس اتفاق الدوحة مسألة تحجيم الدور السنّي من خلال ما يعرف بالثلث المعطل في الحكومات اللبنانية المتعارض مع الدستور، والذي يجعل رئيس الحكومة رهينة القوى التي يمكنها التعطيل.

رابعاً، أكّدت الطائفة السنيّة أنّها مثال للتغيير يُحتذى به: فهي لم تعرف الخطوط الحمر في ثورة 17 تشرين وكانت أوّل من طالب بإسقاط النظام واستقالة حكومة سعد الحريري والمحاسبة.

فهل حاسب القواتيون سمير جعجع على أخطائه وتحالفه الخاطئ مع ميشال عون؟ وهل تجرّأ وحاسب أنصار التيار الوطني الحرّ جبران باسيل ووزراءه على سرقاتهم؟ وهل اعترض موالو حزب الله على جرائمه بحق اللبنانيين والسوريين واليمنيين؟ صدق من قال “الصيت للسنّة والفعل لغيرهم”.

لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الطائفة السنّية قد وصلت إلى هذا الحدّ من التهميش والاستضعاف بسبب تضحياتها المبالغ بها وتنازلاتها عن حقوقها البديهية في المعادلة الداخليّة، مما أدّى إلى إحباط أوساطها وعيشهم نكبة ليس لها مثيل في تاريخ لبنان.

وقد أتاح ذلك الفرصة للميليشيا وحلفائها في الداخل والخارج، لضرب التركيبة اللبنانية ومحو الدور السنّي من الساحة السياسية، وإفراغ لبنان من المكوّن السنّي الذي اختار الهجرة.

وما يحصل اليوم ليس إلاّ إشارة لبداية حقبة تاريخية جديدة يكون لبنان فيها ولاية فارسية. لكن لبنان من دون السنّة لن يكون لبنان التعدّدي الذي ذاع صيته في العالم، ذلك لأنّ السُنّة ضمانة العيش المشترك والسلم الأهلي الذي سيفتقده لبنان مستقبلاً.

المصدر لبنان الكبير