بين “أصحاب ولا أعز” والحرب الروسية

25 فبراير 2022
بين “أصحاب ولا أعز” والحرب الروسية
عالية منصور
عالية منصور

حقارة الحروب لا تنتهي، قباحتها بلا حدود، جرائم وتنكيل لا يميز بين كبير وصغير، بين قوي وضعيف، امراة أو طفل أو كهل. عندما ترى صورة ضحية لا يمكن الا أن تتعاطف معها قبل أن تسأل، ان سألت، عن جنسيتها ولونها ودينها وجنسها، أو هكذا ظننت، وان بعض الظن اثم.

للحرب وجوه قبيحة كثيرة، والحرب الروسية على أوكرانيا كشفت لنا وجهاً يكاد يضاهي الحرب قباحة، ذكورية في التعاطي مع ضحايا حرب بوتين على أوكرانيا. انها حرب مِن نوع آخر، ولحسن الحظ أن الأوكرانيين لا يقرأون اللغة العربية ولا يتابعون ما تكتبه بعض الأقلام المريضة.

الأمر ليس محصوراً بتغريدات لمجهولين، أو تعليقات ساخرة لناشطين تطالب بالتضامن مع الشعب الأوكراني لأن نساء أوكرانيا جميلات.

صحيفة لبنانية تنشر اعلاناً أقل ما يقال عنه انه اباحي ويفتقر الى أي حس انساني أو حتى فني، ليقول ان لبنان مستعد لاستقبال اللاجئات الأوكرانيات.

صحيفة مصرية تابعة لحزب عريق تعيد نشر تعليقات جنسية عن الأوكرانيات وتصفها بـ “خفة دم المصريين”.

“معارض سوري” يكتب بوست عن سوء حظ السوريين لعدم تمكنهم مِن استقبال الأوكرانيات خلال الحرب الدائرة.

جزائريون قدموا رجالاً ونساء نموذجاً مشرفاً في النضال ضد المستعمر، يحوّلون مأساة الشعب الأوكراني الى مادة للتسلية.

في الأردن كتب أحدهم “إرتفعت نسبة الطلاق بعد تنوع حالات الزواج من الشقيقات السوريات… ماذا سيحصل لو حضرت الأوكرانيات؟”. ولم تتوانى بعض الصحف عن الاستشهاد بتعليقه.

في أوكرانيا حرب يشنها قيصر أصابه جنون العظمة، ناقم على كل من يعتبره شريكاً في انهيار الاتحاد السوفياتي. بوتين الذي شارك في قتل السوريين مباشرة وغير مباشرة منذ أكثر مِن عشر سنوات، يقتل اليوم الأوكرانيين ويهجرهم كما هجر غيرهم فيما سبق. في أوكرانيا رجال ونساء يقاومون غطرسة فلاديمير بوتين، وضحايا لعنجهيته ولصمت المجتمع الدولي عن جرائمه المستمرة. في بلادنا بعض مِن الوحوش غير الآدمية، وهم أيضاً ضحايا الحروب، لم يروا في تلك الحرب أبعد مِن أجساد النساء.

في كييف، أوكرانيات يفضلن القتال دفاعاً عن بلادهن بعد إعلان وزارة الدفاع الأوكرانية أن النساء بين 18 و60 عاماً “لائقات للخدمة”.

عذراً لم يعد يكفي أن تطالب السلطات الأوكرانية عبر سفاراتها وزيراً أو نائباً أو مسؤولاً في بلادنا بالاعتذار عن ذكوريتهم ولاأخلاقياتهم، بل صار المطلوب أن تنبذ مجتمعاتنا هذه النماذج بدل اعتبارها “خفة دم”، أو لتكف المجتمعات العربية عن التباهي بانفصامها الأخلاقي، فمرة تغضب لمشهد في فيلم وتعتبره يمس بـ “شرف الأمة” ومرة ترى تضحيات أمم أخرى مادة للسخرية الجنسية.

المصدر لبنان الكبير