بين نواف “اللاعب على حبليْن” والسنيورة “الخاسر على جهتيْن”

10 مارس 2022
بين نواف “اللاعب على حبليْن” والسنيورة “الخاسر على جهتيْن”
 رواند بو ضرغم
رواند بو ضرغم

برع السفير السابق نواف سلام في اللعب على الحبلين. عينه على المنصب ويتظاهر بالزهد. يصمت عند الاستحقاقات كلما كانت أسهمه مرتفعة، ويظهر بصورة المتعفف حين يشعر بالخذلان.

برز اسمه أولاً نكاية بالرئيس سعد الحريري لتكليفه تأليف الحكومة، فدعمه جبران باسيل وسمير جعجع، وبقي هو صامتا الى أن أيقن بأن باسيل باعه لكسب رضى “حزب الله”، ولم يبقَ له سوى جعجع الذي قصد أن يستفز عبره الرئيس الحريري، فخرج بعدها شاكرا النواب الذين منحوه ثقتهم.

أما اليوم، وبعدما أعلن الرئيس الحريري تعليق العمل السياسي، فقد اختار الرئيس فؤاد السنيورة تشكيل لوائح انتخابية بحجة عدم ترك الساحة السياسية لـ”حزب الله” وأراد أن يكون نواف سلام حصانا ليصل به الى مبتغاه.

ووفق المعلومات، فاوض سلام داعميه على تأمين تكاليف الحملات الانتخابية، بالاضافة الى الاستحصال على حضانة تيار المستقبل وثوار المجتمع المدني… فلماذا يعطيه المستقبل اصواته بعدما خذل الرئيس الحريري ولم يلتزم قراره وكان من أعوان طاعنيه؟ ألم يكن سعد الحريري هو من عيّنه سفيرا ومندوبا دائما في الامم المتحدة، وعيّن زوجته سحر بعاصيري سفيرة في اليونيسكو؟ وألم يكن سعد الحريري من ساعده ليصبح قاضيا في محكمة العدل الدولية؟ فهل رد سلام الجميل للحريري بالتزام الاعتكاف عن العمل السياسي؟

في مطلق الأحوال، حتى ولو أصدر نواف سلام بيانا لإعلان عزوفه عن الترشح بعدما تيقن أن السنيورة، الذي يعجز عن إيصال نفسه منفردا، عاجز عن إيصاله بمعزل عن غطاء المستقبل.

لا يأبه الرئيس الحريري لكل هذا الحراك الذي يتّسم بالغدر حينا أو بجوع المناصب أحيانا، فهو نأى بنفسه وتياره فقط عن الاستحقاق الانتخابي من دون توجيهات بالمقاطعة.

فهل المطلوب منه أن يتنحى جانبا وأن يعمل على إيصال مجموعات أخرى، غير معروف اذا كانت معه او ضده؟ الحريري يعتبر أن هذا الطريق لن يؤدي الى أي نتيجة في ظل سيطرة إيران، وإذا كان هو عاجزا عن الوقوف بوجهها وبوجه “حزب الله” فهل ستستطيع الأقلية السنية التي ستصل الى البرلمان المواجهة؟

أما السؤال الأبرز: ماذا بقي من سلاح للسنيورة لخوض المعركة الانتخابية، بعد أن تركه نواف سلام في منتصف الطريق؟ فإذا لم يشكّل السنيورة لائحة في بيروت، فكل حراكه لن يعود له أهمية.

ففي عكار باتت اللائحة منجزة من دون “جميلة” السنيورة، وفي طربلس لن يسمح الرئيس نجيب ميقاتي بدخول السنيورة اليها، وفي صيدا فانه يعجز عن اثبات نفسه من غير النائب بهية الحريري.

أما اذا لم يشكل لائحة في بيروت فتكون خسارة السنيورة مزدوجة: خسارة المعركة من جهة وخسارته لسعد الحريري من جهة أخرى… صحيح أن معركة بيروت الانتخابية ليست واضحة حتى اللحظة، لكن الأكيد أن انسحاب “المستقبل” تسبّب في خلط الأوراق على الساحة البيروتية والوطنية ككل.

وحتى لو كانت نسبة الاقتراع ضئيلة جدا كما هو متوقع، فإن الاستحقاق الانتخابي ضروري لإضفاء الشرعية على المجلس، وكل محاولات الرئاسة الاولى ورئيس تيارها جبران باسيل للتذرع بالمقاطعة السنّية حينا وبالميغاسنتر حينا آخر لتأجيل الانتخابات، ستبوء بالفشل، وسيكون الحريري له بالمرصاد عبر الاستقالة الفورية من مجلس النواب.

صحيح أن اعتكاف الحريري سيقلل من نسبة الاقتراع، لكن السبب الأبرز يبقى شعور المواطنين بعدم الحماسة وبـ”القرف” من عهد أوصل البلاد الى “جهنم”.