ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بملف أحداث الطيونة إثرمعطيات جديدة حسب قوله، الأمر الذي ردت عليه “القوات” بأن “الأوساط القضائية فوجئت صباح 22 آذار الجاري بادعاء جديد عقيقي على جعجع بجرائم جنائية عدّة”، مذكرة بأن “وكلاء الدفاع كانوا قد تقدموا بطلب رد القاضي عقيقي عن الملف سابقاً، إلا أنه تهرب من تسلم طلب الرد”.
ورأت في هذه الممارسات “تدميراً ممنهجاً للقضاء والعدالة في لبنان، يقوم به بعض القضاة استجابةً لبعض الأطراف السياسية، وبالأخص حزب الله والتيار الوطني الحر، للاقتصاص من أخصامهم السياسيين”. فماذا يقول طرفا القضية؟
علقت أوساط “الثنائي الشيعي” في حديث لموقع “لبنان الكبير” على رد “القوات”، فقالت: “القوات اللبنانية ركبت موجة حق أهالي ضحايا انفجار المرفأ وبدأت بالتصويب السياسي في هذا الملف، وبتسويق فكرة استقلالية القضاء، والبريء يذهب إلى القضاء، علماً أن الثنائي لم يكن ضد استقلالية القضاء وجل ما طالب به هو اتباع الأصول والقوانين، وإن لم تعجبهم فليطرحوا مشاريع قوانين لتغيير البنود الدستورية.
وقد أشار الرئيس نبيه بري في خطابه الأخير الى القضيتين، بحيث أكد تمسك كتلة التنمية والتحرير باستكمال التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، استناداً الى قواعد الدستور والقانون، ولا غطاء على أي مرتكب في هذه الجريمة، والقاعدة نفسها على جريمة مجزرة الطيونة، وجعجع اليوم يتجاوز القانون، فهو ليس نائباً ولا وزيراً ولا رئيساً، ولذلك هو مجبر على الحضور أمام القضاء في أي ملف كان، ويجب ألا يتحجج باستنسابية سياسية وغيرها، فهل يعني بكلامه أنه يحق لشخص أن يقتل لأن قاتلاً آخر هرب من المحاسبة؟ هل هذا منطق الدولة التي توعظ به القوات اللبنانية؟ أم أن كل الوعظ والتنقير والتنظير هو فقط عندما يناسب مصلحتها الخاصة؟ فليمثل أمام القاضي، وليدلي بشهادته، وإذا وجده القضاء بريئاً فليكن، وإذا كان مذنباً فليحاسب، على الرغم من الشكوك حول براءته من جهتنا، كون التصريحات التي تبعت المجزرة لم تدن الجريمة بل تفاخرت بها”.
أما الجهة المدعى عليها أي “القوات اللبنانية” فأكدت مصادرها لموقع “لبنان الكبير”، وجوب “أن ينطلق التحقيق من واقعة أساسية اسمها فعل غزو عين الرمانة، وليس حادثة الطيونة.
هي غزوة من مجموعة معينة معروفة بالأسماء، والتسجيلات الصوتية موجودة، والتحقيق يجب أن يطال من طلب من هذه المجموعة اقتحام عين الرمانة، فطريق العدلية لا يمر بشارع سيدة لورد، هم انحرفوا قصداً عن وجهة تجمعهم السلمي مدججين بالأسلحة والفيديوهات موجودة، حطموا الممتلكات وأطلقوا النار.
هذا فعل اعتداء، وهو الذي جرّ أهالي المنطقة الى الدفاع عن أنفسهم، وبالتالي أي تحقيق قضائي أو أمني يجب أن يبدأ من المعتدي ومن حرّض ونظم هذه التظاهرة المسلحة والاقتحام المسلح. وهذا الأمر لا ينطبق كما يدعون على التحقيق بانفجار المرفأ والقاضي طارق بيطار.
لو أن القاضي بيطار اليوم طلب استدعاء دافيد ملاحي وبيتر أبو صعب، وساءلهم عن سماحهم لاخوتهم بالذهاب إلى العمل يوم الانفجار، ولو أنهم أوقفوهم لما ماتوا وبالتالي أنتم مذنبون ومدعى عليكم، كنا سنأخذ الموقف نفسه، بينما فعلياً القاضي بيطار يحقق مع متهمين، إن كانوا مهملين أو متورطين أو وربما هم من أتوا بالنيترات.
أما القاضي عقيقي فيحقق مع معتدى عليهم، نحن لسنا ضد أن يتم استدعاؤنا والاستماع الينا، ولكن لا يمكن طلب الاستماع الى الدكتور جعجع قبل الاستماع الى الأمين العام لحزب الله. منطقة عين الرمانة تم الاعتداء عليها، من مجموعة مسلحة تنتمي إلى بيئة حزبية واضحة، وكان واضحاً وجود قرار بالاتجاه نحو تظاهرة مسلحة، فليتفضل القاضي ويستمع ويحقق، لكن عند حدوث جريمة لا يجوز التحقيق مع المجني عليه بل مع الجاني”.
أضافت المصادر: “الملف هذا شاغل البلد، وحركة أمل أحد أطراف القضية، فكيف يمكن للقاضي عقيقي وهو نسيب الرئيس نبيه بري أن يكون على مسافة واحدة من الجميع فيه؟ نحن لدينا شك في موضوعية هذا القاضي، لذلك قدمنا طلب رد بحقه، لكنه ومنذ الأحداث في 14 أكتوبر يرفض تسلم طلب الرد، وهو لا ينزل إلى مكتبه، فكيف وقع طلب ادعاء؟ هو تهرب من تسلم طلب الرد، كونه فور تسلمه تكف يده عن التحقيق إلى حين البت بالطلب، لأن هدفه هو الادعاء علينا وتسجيل الدعوى، والآن سيقول بلغوني بطلب الرد”.
وفي السياق، اعتبر مصدر مسؤول في الحزب “السوري القومي الاجتماعي” أن “نهج ضرب الدولة هو نهج سمير جعجع، وهو يتضرر من وجود دولة قوية وطنية، التي أحد أعمدتها القضاء، ويريد استعماله كشماعة لضرب خصومه، أما عندما يتعلق الأمر به فهو يرفض الالتزام والمثول أمامه”.
أضاف: “لو كان سمير جعجع فعلاً معارضاً لأحداث الطيونة، لما كان حرّض الناس قبلها، ولما تبنى المجزرة ودافع عنها في الاعلام، حتى أنه لم يدنها، بينما تفاخر نوابه ومسؤولوه واعتبروا ما حصل بطولة، لكنه عمل أمني خطير كان يمكن أن يتسبب بحرب أهلية وهم جاهروا به كبطولة”.
من جهته، رأى عضو المجلس السياسي في “التيار الوطني الحر” وليد الأشقر أن “اختلاف وحدة المعايير عند سمير جعجع ليس جديداً، وهو اليوم ينقض شعاراته. ففي قضية انفجار المرفأ كان جعجع يقود حملة الدفاع عن القاضي بيطار، وممنوع المس به، لأن القضاء ليس مسيساً، أما عندما تعلق الأمر به، فأصبح القضاء مسيساً”.
وقال: “فليعطنا جعجع معاييره كي نعرف كيف نتخاطب معه. أما نحن كتيار وطني حر فنعتبر أنه عندما يكون هناك ملف بيد القضاء، نأخذ موقف المتفرج، ولا نقبل أي تدخل في عمله”.
وأشار الى أنه “كان واضحاً حجم التفاخر عند القوات بعد المجزرة، وهم سوّقوا لفكرة الدفاع عن منطقة مسيحية، ولكن يبدو أن القاضي عقيقي حصل على أدلة جديدة، وأخذ القرار وفقاً لهاً”.