سيناريوهات نائب الرئيس تنهي الحكم التوافقي؟

31 مايو 2022
سيناريوهات نائب الرئيس تنهي الحكم التوافقي؟
محمد شمس الدين
محمد شمس الدين

يترقب اللبنانيون اليوم أول جلسة لمجلس النواب الجديد، التي سينتخب فيها رئيس المجلس، نائبه، أميني سر وثلاثة مفوضين. وبينما لم تنجز كل التفاهمات والتوافقات السياسية، يبدو أن التحضيرات اللوجيستية أصبحت جاهزة، بحيث تعود الجلسات النيابية إلى ساحة النجمة بعد انتقالها لمدة سنتين إلى قاعة “الأونيسكو” بسبب جائحة كورونا، وبعدها تضرر المجلس النيابي من انفجار مرفأ بيروت، مما فرض غياباً عن المبنى التشريعي، إضافة إلى ذلك، تم تخفيف الاجراءات الأمنية التي فرضتها ثورة 17 تشرين 2019.

بعد ظهر أمس، نظمت مصلحة الاعلام في مجلس النواب جولة للصحافة والاعلام في المجلس، أطلع فيها رئيس المصلحة علي دياب، الصحافيين على التحضيرات التي قام بها المجلس لجلسة اليوم، وللمساعدة في تسهيل عملهم بتغطية الجلسة، في ما بدا أنها مرحلة اللمسات الأخيرة. بدأت الجولة بقاعة المجلس التي يجري فيها التصويت، مروراً بالقاعة المخصصة للاعلام، وبعدها الى الطابق الثاني المخصص للشخصيات، اذ تمت دعوة وسائل الإعلام المحلية، العربية والدولية، وكذلك قادة الأجهزة الأمنية، الرؤساء السابقين، السلك الديبلوماسي، قائد قوات الطوارئ الدولية، قائد الأندوف، المنسقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، ممثلي المنظمات الدولية، الجامعة العربية، وطبعاً الحكومة التي ستحضر بشخص رئيسها ووزرائها. وأشار دياب الى أن المكتبة العامة للمجلس جهزت للإعلاميين أيضاً، من أجل تسهيل عملهم.

يبدو أن إصلاح الأضرار التي تعرض لها مجلس النواب إثر انفجار مرفأ بيروت لم تنته بعد، بحيث لا تزال هناك أجزاء تحتاج إلى صيانة، كما أن الشاشة في قاعة المجلس لا تزال معطلة. ولوحظ خلال الجولة، انشغال الفرق الفنية بالتحضير للجلسة، إن كان للتصوير أو الصوت، من خلال القيام بالتوصيلات والتجهيزات.

ساعات على جلسة مجلس النواب، التي سيترأسها الرئيس نبيه بري كونه الأكبر سناً، وسيكون رئيس المجلس حتماً وفقاً للمشهد السياسي. أما المفارقة فهي أن الأكبر سناً منذ أربع سنوات كان النائب الراحل ميشال المر، الذي ترأس الجلسة حينها، فيما الأصغر سناً في هذه الجلسة هو النائب ميشال المر أيضاً، حفيد الراحل، والذي سيكون أمين السر إلى جانب النائب أحمد رستم. ويبقى انتخاب نائب الرئيس وباقي أعضاء هيئة المجلس تحدده الجلسة. وعلى الرغم من أن حظوظ النائب الياس بو صعب مرتفعة إلا أنه ليس هناك من أمر محسوم، ففي حال تبنى الفريق الباقي من 14 آذار، إضافة إلى النواب التغييريين أحد النواب الأرثوذكس، قد يختلف المشهد. والنائب غسان سكاف ارتفعت حظوظه بعد انسحاب سجيع عطية من سباق نيابة الرئيس لمصلحته، مما يوحي بطبخة ما. وكانت كتلة “اللقاء الديموقراطي” رشحت رسمياً سكاف، لنيابة رئيس المجلس، وإن سار حزب “القوات” بهذا الترشيح وتبعه النواب التغييريون، فهذا سيعني حتماً انتزاع المقعد من بو صعب. وبينما كان واضحاً موقف “القوات” بالتصويت بورقة بيضاء لرئيس المجلس، الا أن الموقف ظل غير واضح بالنسبة الى نائبه حتى مساء امس، إلا لجهة عدم ترشيح النائب غسان حاصباني، ولكن هل يقبل “القوات” أن يكون ملتحقاً بركب التصويت لسكاف أم أنه سيمتنع عن السير بمرشح لنيابة الرئاسة؟ أما في حال تشتتت الأصوات وقرر النواب التغييريون عدم تبني سكاف وترشيح شخصية أخرى مثل ملحم خلف، أو عدم التصويت نهائياً فهذا يعني أن بو صعب فائز حتماً.

ربما هي المرة الأولى منذ الطائف التي يكون فيها المشهد ضبابياً لناحية عدد الأصوات الذي سينالها الرئيس بري، وكذلك الأمر بالنسبة الى نائبه، اذ جرت العادة أن تكون النتائج متوقعة، ولكن وفقاً لغالبية المرجعيات السياسية “هذا أمر صحي”، ويعيد تشغيل عجلات اللعبة الديموقراطية الحقيقية، التي كانت نوعاً ما معطلة بسبب الحكم التوافقي، ما قد ينعكس على كل الاستحقاقات المرتقبة في المرحلة المقبلة، وقد ينهي مصيبة الديموقراطية التوافقية التي تسببت بأزمات عديدة للبلد. وربما يشهد البلد جلسات محاسبة ومساءلة حقيقية للحكومة، أو قد يكون هناك أكثر من مرشح لرئاسة الجمهورية، ويتنافسون ديموقراطياً ويفوز صاحب الأصوات الأكثر. ويرى البعض أن فوز نواب من خارج التوازنات التقليدية، هو ما تسبب بعودة العجلة الديموقراطية، وقد يكون نهاية ما يسمى الحكم التوافقي، بينما يعتبر البعض الآخر أن الأمر استثنائي اليوم، بحيث سيكون هناك حكم توافقي في المرحلة المقبلة بسبب الاستحقاقات المهمة التي تنتظر البلد، وعلى الجميع تحمل المسؤولية.

المصدر لبنان الكبير