عاشت منطقة بعلبك – الهرمل وأهلها أياماً عصيبة في الآونة الأخيرة خاصة في ظل إستمرار المداهمات والتوقيفات في حي الشراونة. وانقسمت الآراء بين مؤيدين ومعارضين لما يجري، وانتشر الكثير من الفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي تؤكد غضب أهالي المنطقة مما يحدث.
من جهة أخرى، تنوعت السيناريوهات المرتقبة لمدينة بعلبك والجوار، ففي حين اعتبر البعض ما يحصل موجة “تنظيف” للمدينة بهدف التخلص من الفارين والمطلوبين للعدالة، رأى البعض الآخر أن هناك مخططاً جديداً يحضر لبعلبك لاسيما مع كثرة المشكلات اليومية بين شباب المنطقة وتحديداً أبناء العشائر. وأشعل كلام الوكيل الشرعي العام للسيد علي خامنئي في لبنان محمد يزبك مواقع التواصل ووسائل الاعلام بعد مهاجمته الواضحة والصريحة للجيش اللبناني، ما أثار قلق الكثيرين. وهنا السؤال يطرح نفسه، لماذا قرر الجيش البدء بهذه المداهمات بعد الانتهاء من الاستحقاق الانتخابي؟ وهل سقطت ورقة المطلوبين؟
رأى المحلل السياسي علي الأمين في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “موضوع المخدرات والكبتاغون وتفلت مجموعات متورطة من العقاب بات بارزاً كثيراً في لبنان، وفي الوقت نفسه أصبح لبنان عنواناً ومركزاً مهماً لتصدير المخدرات الى دول العالم، وفي ظل تفاقم الأزمة المعيشية والمالية والاقتصادية تعزز هذا الاتجاه خاصة في ظل غياب السطوة الأمنية العسكرية القضائية. وما قام به الجيش في حي الشراونة جزء لا يتجزأ من واجبه، ولمنع تفاقم الازمات أكثر فأكثر وكل هذا بهدف توجيه رسالة جدية الى المعنيين”.
وأعرب الأمين عن اعتقاده أن “هناك تواصلاً وتنسيقاً شبه تام بين الجيش وحزب الله خاصة في مثل هذه المداهمات، وعلى الأقل يكون لدى الحزب علم بأي مداهمة تحصل، ولكن ما حدث لم يكن مقدراً والجميع اعتقد أن المداهمة ستكون ليوم واحد لكن تطور الأوضاع لم يكن متوقعاً ولم ينته بصورة كاملة ولم نتوصل بعد الى نتائج مهمة من قبل الجيش اللبناني”.
وقال: “لن يجدوا في الشراونة معامل للكبتاغون، لأنها موجودة على الحدود اللبنانية، واذا أردت الوصول الى المراكز الأساسية يمكنك أن تقصد المناطق السورية أو القصير وغيرها… وفي السياق نفسه أعتقد أن الأوضاع في بعلبك لن تتطور ولن تشتد أكثر خلال المرحلة المقبلة، اضافة الى أنه لا يمكن الاكتفاء بضبط القنابل والمخدرات على أنواعها، وهذا يجعلنا نسأل هل ان الجيش لا يملك معطيات عن حركة الاتجار بالمخدرات في المنطقة؟ وهل المصانع المهمة والكبيرة تقع في الشراونة أو في مناطق ثانية محمية أمنياً وعسكرياً؟”.
واعتبر أن “المطلوب في نهاية المطاف إستكمال العملية، وفي حال كانت هناك أخطاء يجب أن يتبعها تصحيح للأخطاء وليس التراجع الى الوراء، والتقدم بأقل أخطاء ممكنة لتوجيه رسالة أن لبنان لن يكون معبراً أو مصنعاً للكبتاغون، وهذه الرسالة لديها الكثير من المتطلبات السياسية والأمنية والاجتماعية والمطلوب إستكمالها”.
وأكد أن “حزب الله ليست لديه مصلحة أن يحقق الجيش إنجازاً نوعياً في هذه المرحلة لأنه يعتبر أن أي إنجاز للجيش ستتبعه إنجازات أخرى وهذا يضر بالحزب لأنه يرى نفسه القوة التي يجب أن تدير الجيش والأجهزة الأمنية كافة. وفي حال حقق الجيش إنجازاً سيأخذ دفعاً معنوياً وهذا سيجعله يتصرف من دون أي إذن أو مشورة من أحد وبالتالي الحزب يريد أن يبقى الجيش بحاجة اليه”.
من جهته، أكد الشيخ عباس الجوهري أن “أهالي بعلبك يتلوون ألماً من الممارسات الخارجة عن القانون، والتي كانوا يطالبون بالتخلص منها. وبعد الانتهاء من الاستحقاق الانتخابي حصلت جريمة في المنطقة سقط بنتيجتها شابان من الطائفة السنية الكريمة وبالتالي الوضع في بعلبك – الهرمل لا يحتمل مزايدات. علماً أن هناك فئة من الأهالي قدمت أصواتها و(طلعت الموتى من القبور) لتنتخب الثنائي وأعطته التأييد مقابل حمايتها وقيامها بكل أعمال الممنوعات”.
أضاف: “البيئة الشيعية اليوم يجب أن تكون متواطئة مع حزب الله مقابل حمايتها، وهذا التأييد لأن الحزب كان يؤمن لها غطاء سياسياً وشرعياً لكل أعمالها الخارجة عن القانون، واعتبرت هذه العائلات بالوعي واللاوعي أنهم أخذوا أصواتها مقابل لا شيء، لذلك هناك حفلة من المزايدات”.
اذاً، مصير أهالي بعلبك لا يزال مجهولاً حتى هذه اللحظة، وهم ينتظرون الخطوات والاجراءات التالية التي ستتبع عمليات الدهم. فهل صدر القرار بالقضاء على كل من سطرت بحقه مذكرات جلب؟ وهل ستشتد معالم المواجهة بين الجيش والطفار؟