“حزب الله” يلعب على الحبلَيْن

11 يونيو 2022
“حزب الله” يلعب على الحبلَيْن
كمال دمج
كمال دمج

في إطار زمني قصير، وُضعت قضية ترسيم الحدود البحرية جنوبي لبنان، على الرغم من أهميتها الإستراتيجية في المنطقة، والإقتصادية التنموية للبلاد، في إطار الشخصنة عبر تمنّع التوقيع الرئاسي الذي يُفترض به أن يكون توقيعاً باسم الشعب اللبناني، على قاعدة “بتقتلوني وما بتاخدو توقيعي ولعيون صهر الجنرال منضحّي بلبنان” ، من دون أي اعتبار للأنظمة والقوانين والمصلحة العليا للبلاد، وذلك من ضمن مسار الحفاظ على معادلة “المناصب والمكاسب مقابل الشرعية للسلاح”.

فهل تُدفَع المناطق المتنازع عليها مع العدو الإسرائيلي ثمناً لرفع العقوبات عن جبران باسيل، بموافقة “حزب الله”؟

بعد دراسة أقامتها مصلحة “الهيدروغرافيا” في الجيش اللبناني، تبيَّن أن للبنان مساحة إضافية جنوبي الخط ٢٣ المعلن بموجب المرسوم ٦٤٣٣ / ٢٠١١ تقدَّر بنحو ١٤٠٠ كلم² انطلاقاً من نقطة رأس الناقورة (أي الخط ٢٩)، يحصل لبنان من خلالها على كامل حقل “قانا” النفطي، إضافة إلى نصف حقل “كاريش”، إستناداً إلى القوانين والأعراف المتّبعة دولياً، مما دفع قيادة الجيش إلى إرسال ملف كامل عن الموضوع إلى مجلس الوزراء، ضمّنته الإقتراحات اللازمة لتعديل المرسوم المذكور واعتماد الخط ٢٩ رسمياً أمام الأمم المتحدة لإعطاء شرعية الدفاع للبنان عند أي خرق إسرائيلي لهذه الحدود.

ومنذ الثاني عشر من نيسان ٢٠٢١، يقبع مرسوم “تعديل المرسوم ٦٤٣٣” الموقَّع من رئيس حكومة تصريف الأعمال حينذاك حسان دياب والوزراء المعنيين في الحكومة، في أدراج قصر بعبدا أسيراً في يد رئيس الجمهورية مستخدماً إيَّاه ورقة تفاوض مع الإدارة الأميركية لكسب الرضى بهدف رفع العقوبات عن جبران باسيل، في حين كان الرئيس عون نفسه قد اعترف بأحقية لبنان بالخط ٢٩ إلاَّ أنه عاد وتراجع عن موقفه متحجّجاً بأنه كان خط تفاوض فقط، للإلتفاف حول الغضب الأميركي من سياسات صهره، في موقف يشكّل خيانة عظمى، وفق الدستور اللبناني، للكيان اللبناني شعباً وأرضاً ومؤسسات من الآن حتى عشرات الأجيال.

لقد أنتج التباين الحاد في مواقف الأطراف اللبنانية توقفاً للمفاوضات غير المباشرة مع العدو الإسرائيلي بواسطة الولايات المتحدة الأميركية وبرعاية الأمم المتحدة، ودفع الحكومة الإسرائيلية لاستغلال انحلال المؤسسات اللبنانية ومركز القرار عبر استجرار باخرة للتنقيب عن الغاز في حقل “كاريش” المتنازع عليه والمشترك مع لبنان من دون أي رادع عسكري أو قانوني بعد أن قررت الميليشيات، التي تحمل راية التحرير والمقاومة، الخضوع لقرار “الدولة اللبنانية” في هذا الموضوع بالذات.

لقد قرر “حزب الله” الإنصياع للقرار الرسمي اللبناني في موضوع ترسيم الحدود البحرية، والذي يتجلى بقرار حليفه الأقوى، المفاوض الأول في الدولة، رئيس الجمهورية ميشال عون بعدم تعديل الحدود والإبقاء عليها عند الخط ٢٣ لفتح الطريق أمام جلاء الغضب الأميركي عن جبران باسيل، الضامن الأوحد وتياره لإستمرار الهيمنة الهادئة للسلاح على القرار اللبناني، وللإبقاء على موضوع الحدود “وقفاً” في عُهدة النظام الإيراني المفاوض على طاولة “ڤيينا” لتحريكه وفق مقتضيات مصلحته.

عار علينا أن نقبل الغبن والإذلال، أن نقبل الخداع من مدَّعي صون لبنان من بطش الأعداء.

عار علينا أن نقبل بعد مئة عام على إنشاء لبنان أن تُسلَب أرضه وتُدفَع غرامة كرمى لـ”الصهر” بأبخس الأثمان.

ناضلوا بكل ما أوتيتم من وعي واقتدار لرفع الإحتلال عن لبنان.

المصدر لبنان الكبير