يسير الاستحقاق الحكومي على قاعدة “إذا مش الاثنين الخميس” بعد شهر من الانتخابات النيابية بحيث تتأجل الاستشارات النيابية من أسبوع الى آخر بذرائع وحجج متعددة بدأت مع انتخاب رئيس المجلس ونائبه واللجان النيابية، والوقوف عند آراء الكتل المتعددة ومحاولة التوافق بينها على اسم واحد للتكليف مروراً بعاصفة ترسيم الحدود البحرية، وعودة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت لتحريك الملف وابلاغ الجانب الاسرائيلي موقف لبنان الرسمي وصولاً الى ما لا نهاية من التمييع والمماطلة، اذ أكد مصدر متابع لـ”لبنان الكبير” أن الكرة اليوم في ملعب بعبدا بعد مرور الاستحقاقات وانتفاء حجج التأجيل.
وبعدما كان منتظراً صدور بيان يحدد فيه رئيس الجمهورية ميشال عون موعد الاستشارات بعد انتهاء التفاوض مع هوكشتاين، أشارت المعطيات الى أن الاستشارات ستكون في بداية الأسبوع المقبل قبل أن يحدد الموعد الرسمي الخميس المقبل في 23 حزيران.
ولفتت المصادر الى أن السبب الأساس في التأجيل هو محاولة التأليف قبل التكليف، إذ نشهد على لعبة شروط وشروط مضادة بين النائب جبران باسيل ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي يبقى الأوفر حظاً. وفي حين يصر الأول على حصة وازنة في الحكومة واشتراطه سلة من الاجراءات، تؤكد مصادر الثاني أنه لن يقبل بالابتزاز والشروط والتشكيل تحت الضغط .
في هذا الوقت، يعمل فريق المعارضة من أحزاب تقليدية ومستقلين ونواب تغييريين على مقاربة الملف بطريقة جدية ومسؤولة تختلف عما جرى في انتخاب اللجان، وكثف من تواصله ونقاشاته للوصول الى اسم موحد في الاستشارات بعد الحديث عن أن “القوات” و”الاشتراكي” يسيران في الاتجاه نفسه، كما أن “الكتائب” ليس بعيداً عن هذه الأجواء إلا أن النواب التغييريين يجددون تأكيدهم أنهم يتفقون مع أي طرف ينسجم مع طروحاتهم المنطلقة من رحم ثورة 17 تشرين.
وأشار النائب السابق علي درويش الى أن “الرئيس ميقاتي يترك موضوع التسمية للنواب الذين سيسمّون الشخصية التي يرونها مناسبة في المرحلة الحالية، وما يقال عن شروط وشروط مضادة يفتح المجال لسجال سياسي أكثر مما هو واقعي. الرئيس المكلف سيتولى بالتشاور مع رئيس الجمهورية موضوع تشكيل الحكومة”، مؤكداً أن “الرئيس ميقاتي لن يرضى بشروط مسبقة، وهذا الجو ساد قبل تأليف الحكومة الحالية”.
ولفت الى “أننا نشهد على خلط أوراق، وليس هناك أي معطى جدي بالنسبة الى الاستشارات لأن الأمور يمكن أن تتغير في أي لحظة بمعنى أن الاستحقاق الحكومي ابن لحظته. وبالتالي، لا يجوز استباق الأمور بحيث عندما ننتهي من التكليف يكون لكل حادث حديث في التأليف”.
أما النائب السابق عماد واكيم، فأكد أن “التواصل قائم مع الجميع ومع كل الأطراف المعارضة. ما يحصل اليوم وكأن لا أكثرية موجودة، والسبب بعض الأطراف الذي يعتبر من خلال خياراته أنه يحقق مكاسب شخصية. إما نقلب الأمور وموازين القوى من خلال التماسك والوحدة في الخيارات واما لا يمكننا تحقيق شيء. على الجميع التنازل ووضع سلم أولويات وفي مقدمها حالياً سيادة لبنان”.
ورأى أن “على القوى المعارضة التوافق في الاستحقاق الحكومي لوقف النهج المتبع في المساومات والصفقات والشروط التي ترافق التكليف والتأليف. نحن نتفق في الشعارات والخطاب السياسي مع قوى المعارضة لكن عملياً لا تشاور جدياً حالياً في الاستحقاق الحكومي انما نسعى الى ذلك مع العلم أن هناك تواصلاً دائماً مع الجميع، ونعمل على لم الشمل وتوحيد القوى”، معتبراً أن على “الأكثرية أن تتعاطى مع الاستحقاق على أنها أكثرية وتغييرية وتتفق على سلم الأولويات. وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولية قراراته. نحن نسعى الى خوض الاستحقاق بهدف التغيير والا نكون خيّبنا آمال الناس في السير باتجاه الاصلاحات والسيادة”.
ولناحية النواب التغييريين، أشار النائب وضاح الصادق الى “أننا في اطار النقاش، وسيكون لنا موقف واضح بالنسبة الى الحكومة وتسمية الشخصية للتكليف. لدينا معايير معينة في التعاطي مع الاستحقاقات وأي طرف يتلاقى معنا فيها نتوافق معه، لكن لا تواصل حالياً مع أطراف المعارضة الأخرى، ولا شيء مسدوداً في هذا الاطار”، مشدداً على “أننا لن نتنازل عن ثوابتنا، ونحن لسنا منغلقين، ونصر على عدم تعطيل الحياة السياسية”.
وأكد “ضرورة العمل لما فيه مصلحة البلد”، آملاً “أن نرى بوادر ايجابية في الأيام المقبلة، وسنعمل بمسؤولية تامة في الاستحقاق الحكومي كما في مختلف الاستحقاقات لمحاولة انقاذ البلد”.
النائب ابراهيم منيمنة بدوره أوضح “أننا نناقش خياراتنا ولا نزال في مرحلة المشاورات الداخلية، ولم نتحدث حتى الآن مع قوى المعارضة الأخرى. نحن نتحمل مسؤولياتنا، واذا كانت مقاربتنا لا تناسب البعض، فالمشكلة لا تكون لدينا. نحن نتعاطى مع الأمور بقمة الاحساس بالمسؤولية، ونعطي الاستحقاق الحكومي الكثير من وقتنا لأنه استحقاق مهم”، مشيراً الى “أننا نطرح خياراتنا ثم نرى على أساسها كيف نتعامل مع القوى الأخرى”.