المشهد المتشظي الذي برز في انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، سيظهر مجدداً في استحقاق الاستشارات النيابية الملزمة. وتقول مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية إن لا اتجاه الى التأجيل، والتشظي في مجلس النواب سنعيشه يوم الخميس بتجلياته كاملة، وسيأتي بالرئيس نجيب ميقاتي رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة العتيدة بأصوات قليلة نسبياً.
النواب التغييريون منقسمون في آرائهم، وتشير مصادرهم لموقع “لبنان الكبير” الى أن ثلاثة نواب منهم يرفضون تسمية السفير السابق نواف سلام، هم حليمة القعقور وابراهيم منيمنة وملحم خلف، وهم فشلوا في الاتفاق على الانضمام الى كتلة واحدة يتوجهون بها الى قصر بعبدا.
مصادر قريبة من تكتل “لبنان القوي” تستغرب الحراك السعودي وتضعه في اطار “غير المألوف” في العلاقات الديبلوماسية، ولكن لا نية في الوقت الراهن لافتعال إشكال و”مش وقتها”. وتقول إن الجو السعودي تُرجم في موقف “اللقاء الديموقراطي” بتسمية نواف سلام، إنما المفارقة وفق هذه المصادر هي أن حزب “القوات اللبنانية” يقدم أوراق اعتماده لميقاتي من خلال عدم تسمية سلام وانتظار شكل الحكومة لمنحها الثقة، وهذا يعني أن “القوات” يعمل وفق معادلة “شو بتعطينا لنعطيك”.
وحده “الثنائي الشيعي” (حركة “أمل” و”حزب الله”) واضح في موقفه بتسمية الرئيس ميقاتي، الى جانب “التكتل الوطني”، ونواب “إنماء عكار”، و”المشاريع الاسلامية” وبعض النواب المستقلين.
أما “القوات” فتقول مصادره لموقع “لبنان الكبير” إن موقفه المتخذ حتى لحظة كتابة هذه السطور هو الورقة البيضاء، بانتظار الموقف الرسمي الذي سيصدر عن كتلة “الجمهورية القوية” ظهر اليوم الأربعاء.
وفي شتى الحالات، وحتى لو بات السباق “على المنخار” بين سلام وميقاتي، فإن تكتل “لبنان القوي” وفق مصادره سيكون موقفه: لا ميقاتي، طالما نتائجه مضمونة، إنما لن يقبل بتقدم نواف سلام عليه.
موقف “التيار الوطني الحر” هذا، يثبت يقين “حزب الله” بأن حليفه لن يجرؤ على السير في مرشح استفزازي له كنواف سلام، وهو في المقابل لن يضغط على باسيل للسير بميقاتي. وحاول باسيل الاتفاق مع “الثنائي الشيعي” على شخصية سنية خارج سلام وميقاتي، الا أنه أخفق. لذلك تقول المصادر إن المرحلة المقبلة ستشهد عدم تواصل بين ميقاتي وباسيل، والعرقلة ستحكم.
ورقة الضغط الكبرى التي يستخدمها رئيس الجمهورية في نهاية عهده، هي التهديد الأكبر بحكم الفراغ بدءاً من 31 تشرين الأول، وليضع الجميع أوراقه على الطاولة: فلا حكومة قوية، ولا رئيس جمهورية في قصر بعبدا. ويستقوي رئيس الجمهورية بالمجلس النيابي المتشظي الذي أوصل رئيسه بأكثرية عادية من 65 صوتاً، والذي لا يمتلك أكثرية الثلثين للتمديد أو لينتخب رئيساً جديداً للجمهورية. أما ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فإن رئاسة الجمهورية تعتبر أن ميقاتي مرغم على إعطائها رأسه، وإن لم يكن قضائياً، فسيعطيه بقوة الخارج، اذ تعبت الدول من تأخر لبنان في الادعاء عليه.
كل ما تقدم يدل على سير التكليف، مع استبعاد إمكانية التأليف، فما الذي يحمل رئيس الجمهورية، الذي وضع شرط الحكومة السياسية أساساً في عملية التأليف، على القبول بطرح ميقاتي بحكومة تصريف الأعمال المطعمة؟ فالمطلوب هو هدم الهيكل على من فيه، لإنشاء لبنان جديد على قياس رئاسة باسيل.
يناور رئيس الجمهورية وتياره معتمداً على أوراق خسرها ميقاتي. صحيح أن ميقاتي يملك ورقة قوة وهي موقف “الثنائي الشيعي” منه، الا أنه وفق مطالعة رئيس الجمهورية، خسر الورقة الفرنسية بعد خسارة ايمانويل ماكرون الأكثرية في الجمعية العمومية، مع التأكيد الأميركي بعدم السماح بانهيار لبنان، ودعم الأميركيين أي حل يضمن الاستقرار على الصعيد الأمني بحده الأدنى.
وفي الختام، “الثنائي الشيعي” وفق ما أكدت مصادره لموقع “لبنان الكبير” غير محشور، وغير منزعج، ولن يطلب شيئاً من أي فريق وتحديداً من باسيل. فمن ينجح في سباق التكليف سيهنئه ويلتقيه ويضع أمامه مطالبه، فإذا لم تُستجب هذه المطالب لن يشارك في الحكومة ولن يعرقلها إذا تألفت.