جريمة “غيفارا” اليوم، أنّه ابن نوح زعيتر. هذه هي الخلاصة الوحيدة بعد سيل من التعليقات، والسخرية والتنمّر. هذا الطفل الذي لم يتجاوز الـ14 من العمر يدفع اليوم فاتورة نسبه، وأصله، وهوية والده، والجموع تسترسل في الانتقاد والتنظير، والجلد!
بعيداً عن الخبر وتفاصيله ومصداقيته وواقعتيه. وبعيداً عن مدى التضخيم و”البهار” الإعلامي، لو كان الطالب يحمل اسماً وكنية مختلفة هل كان ليتحوّل الخبر إلى “ترند”؟ هل كانت لتضجّ به مواقع التواصل ليصبح الخبر الأوّل إعلامياً؟!
الخبر ليس غشاً، ولا دخول مسلحين كما قيل، ولا ولا.. الخبر محوره “غيفارا”، غيفارا نوح زعيتر!
ومن تناقلوا الخبر، لم يلحظوا أنّ غيفارا القاصر ضحية، فكيف نطلب من ابن الـ14 عاماً أن يغيّر ظروفه؟ كيف نطلب منه أن يتمرّد وهو في عمره هذا على أبيه؟ على بيئته؟
بل وأكثر، كيف لنا أن نحاسبه!
اليوم، انتقل غيفارا، من ضحية مجتمعه ومذكرات توقيف والده، إلى ضحيتنا. إلى ضحية “مجتمع” حكم عليه بأنّه لا ينتمي إليه، مجتمع همشه ودفع به لأن يكون نوح زعيتر جديداً!
فهذا المجتمع، استكثر على “غيفارا” شهادة، وطلب منه الاكتفاء بشهادات والده، هم يريدونه نموذجاً مكرراً لشخصية خارجة عن القانون دون أن يمنحوه الفرصة لأن يكون مواطناً في دولة، هم دفعوا به إلى الدويلة، إلى بيئة ربما في قرارة طفولته أراد الهروب منها.
هذا المجتمع، لا يريد لـ”غيفارا” أن يكون في صورة مختلفة، ويسخر منه إن أصبح طبيباً أو مهندساً. يريده أن يبقى في قالب نمطي، وأن يبقى فقط “غيفارا نوح زعيتر”.
بعد 20 عاماً، إن رأيتم “غيفارا” على الشاشات مسلّحاً، إن رأيتموه يرتكب الجرائم على أنواعها، لا تستهجنوا.. وتذكروا أنّكم ذات يوم كنتم شركاء في “صناعته”، وتذكروا أنّ أيّاً منكم لم يختر اسمه، ولا والده، ولا عائلته، ولا حتى بيئته..