“مجلس الأمن يدعو إلى تسريع تشكيل الحكومة اللبنانية وتنفيذ إصلاحات ملموسة”… خبر عاجل قصير يثير السخرية لبنانياً وضحكاً على قاعدة “ما متت، ما شفت مين مات”!. ولكان حرياً بمجلس الأمن أن يسأل أحد أركانه الخمسة الذي بلّ يده بالملف اللبناني قبل أن يتسرع في اتجاه المسؤولين اللبنانيين. كانت فرنسا تمتلك حق الفيتو، وباتت بعد التجربة اللبنانية تُرفع في وجهها الفيتوات وتُهدر مبادراتها.
الواقع اللبناني المؤكد، أن لا حكومة ستولد في أيام العهد العوني الأخيرة، وكل النداءات والدعوات الدولية ستقف عند حدود الشروط والمصالح الشخصية والطموح الرئاسي “القوي”. لا بل إن المسافات بين شركاء التأليف بعيدة وأي إمكان للتفاهمات صار منسياً.
تقول مصادر قصر بعبدا لموقع “لبنان الكبير” إنه “مش ماشي الحال” ولا بوادر توحي بإمكان انتقال الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من جديد الى الضفة التي كان عليها قبل تأليف هذه الحكومة، بحيث كانت آذانه سامعة للمنطق الدستوري بأن رئيس الجمهورية هو شريك دستوري كامل في تأليف الحكومة!.
في المقابل، يضع الرئيس المكلف تكليفه في جيبه، ولن يعطي الهدايا لعون وباسيله في آخر عهدهما، وخصوصاً أن الأخير وضع لغماً في طريق علاقة ميقاتي بالرئيس نبيه بري، من خلال كشفه مداولات الاستشارات ورمي تهمة حماية حاكم مصرف لبنان على عاتق الرئيس بري عبر وزير المال يوسف خليل. وعلى هذا الأساس زار ميقاتي عين التينة الثلاثاء، ووفق معلومات موقع “لبنان الكبير” فإنه نفى كلام باسيل أمام بري، وحرص على نزع فتيل زعزعة الثقة بينهما.
ينادي المجتمع الدولي اليوم لتأليف الحكومة، وغداً سيبدأ بالمناداة لانتخاب رئيس جمهورية جديد… و”لا تنده ما في حدا”، فحتى رئاسة الجمهورية ستخلو ولن يكون من رئيس جديد يخلف الرئيس ميشال عون. الانتخابات ستجرى في موعدها الدستوري، ورئيس المجلس النيابي سيكرر دعواته الى جلسات انتخابية، ولكن لن تحوز أي شخصية مارونية على خمسة وستين صوتاً من النواب، وستنتهي المهلة الدستورية ويغادر عون قصر بعبدا مسلماً البلاد الى الفراغ.
لا سليمان فرنجية ولا جبران باسيل ولا سمير جعجع يمتلك خمسة وستين صوتاً في مجلس نيابي مبعثر، ولا حتى المعارضة اذا اجتمعت على مرشح واحد تستطيع إيصاله. فهل فرنجية مستعد للتنازل لباسيل في المعركة الرئاسية؟ ومن سيكون مرشح باسيل الذي سيرتضي لنفسه أن يكون أداة بيد رئيس التيار وتحقيق شروطه ومعاييره الفئوية ورغباته التوسعية؟ وهل أي مرشح لباسيل سيقبل به الرئيس بري؟ فلو افترضنا أن “حزب الله” سيبقى داعماً لباسيل وعون حتى النفس الأخير، فانه غير قادر على تأمين نصف المجلس زائداً واحداً. ومن دون باسيل و”حزب الله” لن يستطيع فرنجية أن يصل الى الرئاسة بخمسة وستين صوتاً. ومن هذا المنطلق، فإن الانتخابات قائمة في موعدها ولكن نتيجتها غير محسومة.
أما السيناريو الآخر الذي قد نصل اليه، وبعد أن تنقضي مهلة الشهرين الدستورية: لا حاجة الى تعديل الدستور طالما أن الاكثرية النيابية الموصوفة موافقة على انتخاب موظف من الفئة الأولى رئيساً للجمهورية، أي قائد الجيش جوزيف عون. وسيكون “حزب الله” حينها مضطراً الى القبول بالعماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية في حال توافقت عليه غالبية الكتل النيابية، على قاعدة أن أي رئيس مقبل سيكون قد تعلم من تجربة الرئيس السابق ميشال سليمان بمعادلته الخشبية ومعركته مع “حزب الله” التي لم تصل الى نتائج ايجابية. لذلك فإن أي رئيس جمهورية يعتبره “حزب الله” مجبراً على التواصل معه والتزام مبادئه بالعداء مع اسرائيل وحفظ سلاح المقاومة والسيادة الوطنية. وحينها لن يعطل “حزب الله” ولن يُستفز من أي اسم ضمن هذه الضوابط.