صحيح أن عطلة عيد الأضحى لا تزال سارية المفعول، وتنعكس جموداً على المشهد السياسي بأكمله خصوصاً على ملف تشكيل الحكومة الذي على ما يبدو سيبقى محفوظاً في ثلاجة المناكفات والصلاحيات والشروط الى ما بعد انتهاء العهد الحالي، إلا أن كل الأحزاب والتيارات والكتل النيابية وضعت الاستحقاق الرئاسي على نار حامية بحيث أن قوى المعارضة والنواب التغييريين بدأوا بالتواصل في ما بينهم علهم يتفقون على اسم لترشيحه بعدما انتهوا من مرحلة وضع المواصفات المطلوبة للرئيس الجديد، ويحاولون انشاء ما يشبه الجبهة أقله لخوض الانتخابات الرئاسية بطريقة أفضل من الاستحقاقات السابقة خصوصاً أنهم أكثرية لكن مشتتة.
وبحسب نواب المعارضة فهم قادرون على فرض الرئيس المقبل لأنهم أكثرية في البرلمان، وأن الخيار بيدهم في خوض الاستحقاق الرئاسي بصورة فاعلة اذا تمكنوا من تخطي الصعاب والعراقيل غير الجوهرية.
أما في ما يتعلق بقوى الموالاة أو ما كان يعرف بـ 8 آذار فهي أيضاً تحاول رص الصفوف وتقريب وجهات النظر والتحضير للقاءات مصالحة بين المتخاصمين للتوافق على اسم شخصية لرئاسة الجمهورية، وتدرس كل الخيارات في هذا الاطار، وتأخذ في الاعتبار كل السيناريوات خصوصاً اذا توحدت المعارضة، وفرضت رئيساً.
وبين من يعتبر أن الفراغ الرئاسي وارد نظراً الى عدم وجود أكثرية فاعلة يمكنها فرض الرئيس المقبل، وبين من يقول ان لا فراغ على المستوى الرئاسي لأن الخارج مصر على اجراء الاستحقاقات في موعدها، والانتخابات الرئاسية ستجري بسلاسة كما جرت الانتخابات النيابية، هناك من يؤكد أن الانتخابات الرئاسية اليوم كما في السابق تتأثر الى حد بعيد بالظروف والتطورات الاقليمية والدولية، ونحن نمر في مرحلة حرجة ودقيقة على صعيد المنطقة. وفي حال اتجهت الأمور الى التصعيد، فإن الرئيس اللبناني سيكون رئيس تحد، واذا اتجهت نحو التسوية فإن الرئيس سيكون ذا طابع وسطي وغير استفزازي.
على أي حال، فإن الناس بانتظار الانتخابات الرئاسية على أحرّ من الجمر على أمل أن ينتشلهم الرئيس المقبل من نار جهنم خصوصاً أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أبلغ المعنيين أن هناك جلسة نيابية مع بدء المهلة الدستورية لاجراء الاستحقاق أي في الأول من أيلول المقبل، واذا صفت النيات ولم تتم مقاطعة الجلسات، فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الجلسة الأولى ممكن، وهكذا يكون لدينا رئيس قبل 31 تشرين الأول ليتسنى له الاطلاع على الملفات والقضايا العالقة.
وبغض النظر عن الأسماء المتداولة والتحليلات التي تتغير وفق المعطيات، لا بد من الاضاءة على ملف رئاسة الجمهورية من منظار الأطراف كافة لناحية مواصفات الرئيس المقبل، وخلفياته ومؤهلاته، وما هي الخطوات المطلوب القيام بها أو الأولويات على الساحتين الداخلية والخارجية؟ وهل الذهاب نحو التسوية في المنطقة سيؤدي الى انتخاب رئيس وسطي، وفي حال التصعيد سيكون هناك رئيس تحد واستفزازي؟
المواقف اليوم مع كتلة “التنمية والتحرير” التي تشدد على أهمية اجراء الاستحقاقات الدستورية في موعدها لأن ذلك واجب وليس ترفاً.
رأى النائب محمد خواجة أن “الفراغ لا يجوز، والاستحقاق الرئاسي من أهم الاستحقاقات الدستورية. ويجب خلال المهلة الدستورية أي من أول أيلول الى آخر تشرين الأول أن يكون لدينا رئيس للجمهورية يستلم من الرئيس الحالي. انه واجب وليس ترفاً، ونحن جاهزون للمشاركة في هذا الاستحقاق الدستوري وهو واجب علينا كما على الجميع”.
واعتبر أن “على الرئيس الجديد أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، وتكون لديه شخصية اصلاحية تملك رؤية لأننا في وضع صعب جداً، ورئيس الجمهورية على الرغم من تراجع صلاحياته هو حامي الدستور ويبقى الرجل الأول في البلاد وله دور أساس، لذلك يجب أن يكون صاحب رؤية وشفافاً واصلاحياً”، مشيراً الى كثير من الأولويات في البلد، إذ أن كل قطاع فيه أولويات “لأننا في حالة انهيار على المستويات كافة.
الأولوية لقضايا الناس الحياتية والمعيشية وكيفية وقف الانهيار على الرغم من أنها ليست مسؤولية رئيس الجمهورية وحده انما مسؤولية الرؤساء الثلاثة وكل أركان الدولة.
الأولويات أن يكون الأداء مختلفاً وأن يقتنع الرئيس بوجوب أن نذهب نحو الاقتصاد المنتج لأن اقتصاد الاستدانة والريع أوصلنا الى ما نحن عليه اليوم. المسؤولية كبيرة على الرئيس كما على الجميع، ومسؤولية النهوض مسؤولية مشتركة وجماعية”.
وشدد على أنه “لا يجوز الاكتفاء بأن نأمل انما نعمل على تكريس الأمل لأن لا خيار آخر لدينا”، متسائلاً “هل نذهب الى الفراغ والفوضى خصوصاً أن الأزمات التي نعاني منها اليوم ستتسارع وتتضاعف؟ هل الناس قادرة على مزيد من التحمل؟ انها مرحلة صعبة لكن ليست مستحيلة ونستطيع الخروج منها الا أن علينا أن نكون رؤيويين ومتضامنين لاسقاط كل الحسابات الضيقة والصغيرة والمصالح الشخصية لصالح المصلحة العامة”.
ولفت الى أن “أي بلد بقدر ما يكون متماسكاً ونظامه السياسي فاعلاً ونشطاً بقدر ما تكون لديه استقلالية عالية والعكس صحيح.
نحن ضد تدخل الخارج في أي استحقاق داخلي لكن في عالم ما بعد العولمة، هذا التدخل يجري في كل دول العالم إلا أن قدرة التماسك الداخلي تضع حداً بصورة كبيرة لهذا التدخل”.
وقال: “اذا لم نتمكن من تطوير نظامنا فسنبقى عرضة للتدخلات، لذلك نريد رئيس جمهورية رؤيوياً يفتح صفحة لمرحلة جديدة بالتعاون مع مجلس النواب والحكومة تكون مختلفة تماماً لأنه لم تعد لدينا قدرة على الاستمرار في النهج نفسه المتبع منذ 30 عاماً. نحن قادرون على النهوض ضمن خطة تعاف حقيقية”.
أما النائب علي خريس فتمنى “انتخاب رئيس الجمهورية في موعده، ويتم العمل على هذا الأساس لأنه من غير الطبيعي ألا يحصل الاستحقاق الدستوري”، مشيراً الى أن “كثيرين شككوا بالانتخابات النيابية وكان اصرارنا على اجرائها وقد حصلت، واستحقاق رئاسة الجمهورية كبير ومهم والبلد لا يحتمل الفراغ مع امكان استمرار حكومة تصريف الأعمال الى ما بعد الانتخابات الرئاسية.
لا أحد باستطاعته منع حصول انتخاب رئيس الجمهورية”.
وأكد وجوب “أن يكون الرئيس المقبل لبنانياً وعلى مسافة واحدة من كل الفرقاء وعامل جمع وليس عامل تفرقة ويسعى الى تأمين الوحدة الوطنية وحماية صيغة العيش المشترك.
وعليه حماية الوحدة الوطنية والعمل على خطة التعافي الاقتصادية وحماية حقوق المودعين وحل معضلة الكهرباء التي نعاني منها منذ سنوات اضافة الى ملفات أخرى لها علاقة بالقطاع العام والخاص وتأمين فرص العمل والاستثمارات واستخراج الغاز والنفط من البحر.
ويجب أن تكون لديه علاقات جيدة مع كل الدول باستثناء العدو الاسرائيلي والعمل على معالجة موضوع النازحين السوريين”.
وشدد على “أهمية التوافق الداخلي الذي يؤدي حتماً الى انتخاب رئيس للجمهورية، ولا يجوز انتظار الاملاءات من الخارج . في كل الحالات، يجب أن يكون رئيس الجمهورية الجديد توافقياً وعلى مسافة واحدة من كل الفرقاء والأطراف خصوصا في هذه المرحلة”.