سنتان من التعطيل في عهد ميشال عون.. والعنوان: ″شروط باسيل″

25 يوليو 2022
سنتان من التعطيل في عهد ميشال عون.. والعنوان: ″شروط باسيل″
غسان ريفي
غسان ريفي

يحاول رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تلميع صورته ومسح تاريخ حافل من الخطايا عشية الاستحقاق الرئاسي، وذلك من خلال إعلان الزهد السياسي، ورمي المسؤوليات على الآخرين، والايحاء بأنه المستهدف الدائم الذي يريد أن تنتهي ولاية عمه الرئيس ميشال عون لـ”نتحرر من قيود القصر”.

بات واضحا أنه كلما أراد باسيل تعويم نفسه سياسيا، يغرق أكثر في سلوكه وتصرفاته التي طبعت عهد الرئيس ميشال عون وساهمت الى حد بعيد في إفشاله وهو اليوم يُكمل دائرة الفشل في إنهاء العهد من دون حكومة، بفعل التذاكي الذي يمارسه بأنه يريد كل شيء في الحكومة ولا يريد أن يتحمل مسؤولية أي شيء!..

في حساب بسيط، يتبين أن نحو 728 يوما من الفراغ الحكومي سيطروا على عهد الرئيس ميشال عون أي سنتين بالتمام والكمال، ما يعني أن ثلث ولايته كانت من دون حكومة، كما شهد عهده إعتذار رئيسين هما السفير مصطفى أديب والرئيس سعد الحريري عن التأليف، وكل ذلك كان عنوانه شروط جبران باسيل التي كان الرئيس عون يلتزم بها ويرفض التوقيع على أي تشكيلة لا تراعيها.

هذه الحسابات، تُظهر إفتراءات باسيل على موقع الرئاسة الثالثة، فهل كل رؤساء الحكومات الذين كُلفوا أو إعتذروا أو ألّفوا كانوا يماطلون لتحقيق مآرب سياسية أو مكاسب خاصة أو لتنفيذ أجندات معينة؟، أم أن التأخير الذي أتى بالفراغ الكبير ولمدة سنتين كان بفعل الانانية السياسية لباسيل وشهوته المطلقة للحكم وبسط النفوذ والاستقواء بتوقيع عمه وصولا الى التعطيل المبرمج حتى يصار الى تنفيذ الشروط البرتقالية أو الدخول في تسوية تحقق بعض المكتسبات.

يستطيع جبران باسيل أن يدافع عن نفسه، لكنه لا يمكن له أن يبدل التاريخ أو أن يزوّر الحقائق الدامغة التي تلاحق مسيرته السياسية منذ تصريح ميشال عون الشهير “كرمال صهر الجنرال ما تتشكل حكومة”، ما يعني أن التعطيل الباسيلي لم يقتصر على عهد عمه فحسب، بل هو تحول الى محطة عند تشكيل كل حكومة حيث كان الرئيس عون يرفض أي مشاركة في أي حكومة لا ترضي باسيل في الحصص الوزارية والحقائب ولا سيما وزارة الطاقة التي شغلها باسيل ثم ستة من مستشاريه، وكانت النتيجة اليوم صفر تغذية كهربائية في كل المناطق اللبنانية.

على قاعدة “كل عضة بغصة”، يتطلع اللبنانيون على إختلاف توجهاتهم وطوائفهم الى مسيرة باسيل الذي أخفق في إدارة العديد من الوزارات التي تسلمها تياره، وورّط البلاد في الكثير من الملفات والمواقف والمزايدات التي تناقضت مع كل توجهاته وتحالفاته السياسية، وفي مقدمها كلامه عن العدو الاسرائيلي حيث قال أن “لا خلاف إيديولوجيا مع إسرائيل، ونحن مع حق إسرائيل بالوجود وأن تعيش بأمان”، وحرصه في الأيام الماضية على إظهار التعاطف والتضامن مع المطران موسى الحاج وعلى دعم موقف بكركي بسبب حسابات مسيحية داخلية، ما يستفز حلفاءه في قوى 8 آذار.

واللافت أن لكل شريحة لبنانية ذكريات سيئة جدا مع باسيل وبعضها دموي..

فعلى المستوى المسيحي كانت محاولة إستعطاف القوات اللبنانية وإغرائها بمناصب ومكاسب لدعم وصول ميشال عون الى قصر بعبدا ومن ثم الانقلاب على تفاهم معراب وخوض حرب إلغاء سياسية شملت كل التيارات المسيحية من المردة الى الكتائب والشخصيات المستقلة.

على الصعيد الدرزي نبش باسيل قبور الحرب الأهلية البغيضة، وصولا الى فتنة قبرشمون التي زارها وإستفز أهلها وكاد أن يشعل حربا لولا تدخل العقلاء في الجبل.

على الصعيد السني حدث ولا حرج، حيث يكفي وضع باسيل العصي في الدواليب لرؤساء الحكومات خصوصا أولئك الذين لا يقيمون وزنا لشروطه ومطالبه كما هو حاصل اليوم، فضلا عن إستفزازه أبناء طرابلس بعد قبرشمون بزيارة رفضها أهلها وتمت تحت حماية الجيش، وأبناء عكار مؤخرا بزيارة كادت أن تحدث فتنة بين الأهالي لولا حكمة الجيش، فضلا عن حمايته محافظ الشمال المرفوض طرابلسيا، ومحاولات التدخل في شركة كهرباء قاديشا وحشوها بالموظفين وضرب المعايير الوظيفية لحسابات مناطقية وطائفية.

بالأمس، تذاكى باسيل على اللبنانيين كعادته، عندما أكد أنه لا يريد وزارة الطاقة، ولا يرغب بالمشاركة في الحكومة، وأنه يريد تشكيلها اليوم قبل الغد، لكنه تناسى أن التشكيلة الحكومية ما تزال أسيرة أدراج عمه رئيس الجمهورية، فطالما أنه لا يريد التعطيل ويسعى مع الرئيس عون الى الانقاذ، فليبادر رئيس الجمهورية الى توقيعها وإحداث صدمة إيجابية في نهاية عهده.

لم يعد يختلف إثنان على أن الضغط السياسي المسيطر على باسيل والخوف على المستقبل، يجعلانه في تخبط وتناقض دائمين، خصوصا أنه يستشعر تراجع حظوطه الرئاسية، لكونه لم يعد لديه حليف في الساحة السياسية، باستثناء حزب الله الذي بات لديه العديد من علامات الاستفهام حول آدائه وسلوكه!..

المصدر سفير الشمال