لطالما حاضر مسؤولو لبنان بالعفة، وتفاخروا في خطاباتهم بأنّهم أصلحوا هذا البلد، ولكّنهم في الحقيقة لم يجلبوا له الا الخراب.
وبعد عامين على انفجار مرفأ بيروت، لم نر أحداً من السياسيّين تحرّك ووقف الى جانب المنكوبين، باستثناء أنّهم أرسلوا كسرة خبزٍ أمام الكاميرات لتوثّق “انسانيّتهم” الكاذبة.
لم ينهض ببيروت الا أهلها، ولم يلملم جراحها الا أهلها، ولم يتبرّع بالمال الا أهلها… هكذا كان هذا الشعب، الذي تعلّم أن يقف على رجليه وحيداً من دون الحاجة الى دولة. وكان ذلك واضحاً في الساعات الأولى للانفجار، حين بادر المغتربون الى تجميع أنفسهم وإرسال الأموال وما يحتاجه أبناء بلدهم. أمّا أهل البلد، فقدموا من جميع المناطق، حاملين أدوات التنظيف لينتشلوا بيروت من تحت الركام.
ميا خليفة اللبنانية التي قضت حياتها في الخارج، كانت من أوائل الذين تواجدوا على صفحات التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات وإرسالها الى لبنان، الذي مُنعت من الدخول اليه، بسبب حياتها الشخصية الّتي لا شأن لنا بها.
وفي الذكرى الثانية لانفجار المرفأ، نشرت على حسابها، صورةً توثّق تبرّعها بعشرة آلاف دولار للصليب الأحمر اللبناني، بعدما كانت تبرّعت سابقاً بمبلغ عشرين ألف دولار.
وفي منشور آخر، نشرت صورةً لزجاجة نبيذٍ لبناني اشترتها بقيمة ثلاثة آلاف دولار، وعلّقت على الصورة بالآتي: “اعتقد رفاقي أنّني مجنونة بسبب طلب زجاجة نبيذ لبناني بقيمة ٣٠٠٠$ وأنا بالكاد أشرب الكحول، ولكن هذا أكثر من نبيذ بالنسبة لي، هذا جزء من التاريخ من أسعد الأوقات في لبنان، قبل الحرب الأهلية، قبل انفجار بيروت، قبل الأزمة الاقتصادية، قبل الغارات الجوية، قبل وجع القلب والهجرة، قبل التوترات السياسية العالمية، قبل الوداع، أرجو ارسال التبرعات والدعاء، لبنان كان هكذا قبل المشكلات.
نكهة هذا النبيذ حلو وعسلي، تماماً كهذا البلد الذي أتيتُ منه. لبنان جوهرة، واللبنانيون يريدون فقط أن يحبوا، أن يرقصوا وأن يموتوا بسلام على أرضنا الجميلة”.