
عندما تمشي في شوارع بيروت ليلاً تظنها مدينة أشباح!.
ظلام حالك، حركة شبه منعدمة، وبيوت معتمة قلما تجد فيها ضوءاً خافتاً يظهر لك من بعيد.
وفي النهار شوارعها متسخة، تملؤها عربات الباعة الجوالين، وفي زواياها يقف المتسولون، مع غياب أفراد الأمن ودورياتهم السيارة والراجلة، طرقاتها مهترئة تملؤها الحفر، وإشارات المرور معطلة وأيضاً لا بلدية… ولا جمعيات أهلية ولا من يحزنون.
أما أهل بيروت ومن يعيشون فيها، فهم هائمون على وجوههم بحثاً عن رغيف الخبز، وتأمين الماء والكهرباء، وحبة الدواء، والمصيبة الحاجة الى دخول المستشفيات.
وما يزيد الطين بِلة، أننا على بُعد أيام من عودة الطلاب الى مدارسهم وبدء العام الدراسي الجديد، ولا حول ولا قوة الا بالله…
وهنا يتساءل أحدنا:
هل هذه بيروت العاصمة؟
هل هذه بيروت أمُّ الشرائع؟
هل هذه بيروت التي تنبض بالحياة؟
هل هذه بيروت التي لا تنام؟
هل هذه بيروت مستشفى الشرق الأوسط؟
هل هذه بيروت مدرسة العرب وجامعتهم؟
أي جريمة ارتكبتها هذه الطغمة الحاكمة الفاسدة بحق لبنان وعاصمته بيروت؟
أليست في وجوههم ذرة حياء؟
ألا يمشون في الشوارع ويرون هذا الحال؟
أم أن زجاج سياراتهم الداكن ومواكبهم الطيارة أعمت عيونهم عن هذه المآسي وهذا الوضع المزري؟ كيف يطيب لهم طعام؟
وكيف يهنأ لهم نوم؟
هل هم فعلاً من أصناف البشر؟ فالإنسان يتميز بأحاسيسه ومشاعره، وهؤلاء أموات غير أحياء انعدمت بشريتهم وإنسانيتهم، تحولوا الى تماسيح لا يتأثرون بانتقاد ولا يأبهون حتى لسب وشتم، ولا لدعوة مظلوم منكوب عليهم.
ما يهمهم كراسيهم وأموالهم، وكل ما عدا ذلك لا يعنيهم.
للأسف لقد أصبحنا كشعب في لبنان أيتاماً على موائد اللئام، نبكي ونئن ولا من يتأثر لبكائنا وأنيننا، لا في الداخل ولا في الخارج.
ومن فقدنا ممن كان يهتم لأمرنا ويبلسم جراحنا لم يملأ فراغه أحد، ولم يبق لنا أمل إلا بالله تعالى وحده؛
كلمة قالها السوريون في بداية محنتهم “ما لنا غير يا الله” وها نحن نرددها… ونرجوه سبحانه لطفاً ورأفة بحالنا، وأن يخلصنا ممن يحكمنا، وأمعن في ظلمنا وقهرنا ويأخذ حقنا منه ويشف صدورنا.
ولن نرفع شكوانا إلا له سبحانه فالشكوى لغير الله مذلة.