لا حرب قريباً…؟

1 سبتمبر 2022
 زاهر أبو حمدة
زاهر أبو حمدة

تقول الحكمة الشائعة ان أساس الحرب هو المفاجأة ووقوعها يجب ألا يكون متوقعاً. لكن شكل الحروب تغير، وأصبح تحديد موعدها ممكناً قبل وقت وفقاً للمعطيات الاستخبارية والتهديدات المتبادلة.

وعلى سبيل المثال، وقعت الحرب الأوكرانية في الموعد المحدد (24 شباط) وأعلنت عنه مسبقاً أطراف كثيرة منها الولايات المتحدة. سابقاً، كانت الارهاصات تحتاج إلى سبب مباشر يكون حدثاً غير اعتيادي كاغتيال شخصية أو اعتداء حدودي، لتقع الحرب.

أما حالياً فيمكن القول إنه في هذا الخريف ترتفع احتمالية المواجهة بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، ولكن عوامل تأجيلها كثيرة، في حين أن طرفي الصراع يجهزان وكأنها واقعة لا محالة.

ولأن أي حرب يمكن معرفة بدايتها ولكن تجهل توسعها ومدتها وكيفية نهايتها، تجعل قرارها صعباً وسط تغيرات إقليمية ودولية.

وهنا السؤال الأهم: هل تستطيع إسرائيل اتخاذ قرار الحرب من دون ضوء أخضر أميركي؟ تبدو الاجابة ضبابية، لأن الخلاف مع البيت الأبيض بسبب الاتفاق النووي الإيراني يجعل “التفلت” الإسرائيلي ممكناً بحذر، في حين أن اتخاذ هكذا قرار أمامه عقبات كثيرة.

فأي حرب في الشرق الأوسط تعني ارتفاعاً في أسعار النفط والغاز، وهذا ما سيجعل أوروبا تصرخ مع الولايات المتحدة، لا سيما بعد رفض الأمير محمد بن سلمان، ضغوط جو بايدن في زيادة الإنتاج وخفض الأسعار، وتزامن ذلك مع وقف الامدادات الغازية الروسية لأوروبا.

يضاف إلى ذلك، أن بطولة كأس العالم لكرة القدم اقترب موعدها، وستستخدم قطر نفوذها وتأثيرها على جميع الأطراف لمنع حدوث أي خلل أمني، فهي استثمرت أكثر من 220 مليار دولار من أجل هذا الحدث العالمي، واشتعال الحرب يؤدي إلى الغاء أو تأجيل “المونديال”، وهذا ما لا يريده أحد.

أما الأسباب الداخلية الإسرائيلية فتتعدد، بداية بانتخابات الكنيست في تشرين الثاني المقبل، إضافة إلى التغيرات المحتملة في الهيكلية العسكرية.

فمن المفترض أن تنتهي ولاية رئيس الأركان أفيف كوخافي، مع نهاية العام الحالي. وفي 11 أيلول، يُستبدل قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال أمير بارام، وتأجيل ذلك يرفع مؤشرات المواجهة.

في حين تبقى الأمور التقنية هي الأولوية، فالاحتلال يحتاج إلى اكتمال تجربة منظومة الدفاع الجوي التي تعمل بالليزر بدل منظومة “القبة الحديدية”، وهذا بحاجة الى عام على أقل تقدير.

من هنا، يُرجح تأجيل المواجهة اسرائيلياً وأميركياً مع لبنان.

ولذلك سيعمل الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين على تقديم تنازلات ترضي الحكومة اللبنانية لا سيما وأن واشنطن تسعى إلى مد أوروبا بالغاز قبل الشتاء، أو ستقدم واشنطن ضمانات لبيروت إذا لم تنجح المفاوضات الحالية بأن إسرائيل لن تستخرج الغاز من حقل “كاريش”.

ووسط كل ذلك، يمكن أن يتحول التوتر إلى حرب لكن حتى الآن بوادر التهدئة والتسوية تتقدم على مؤشرات المعركة.

المصدر لبنان الكبير