دار الوطن لا تهزها أهواء نواب الصدفة

17 سبتمبر 2022
دار الوطن لا تهزها أهواء نواب الصدفة
 رامي عيتاني
رامي عيتاني

في الليلة الظلماء، وعلى مر السنين كان الجميع وما زالوا حتى الآن يعودون اليها مجددين الولاء، طائعين في سبيل عزة الوطن والدين، لأنها دار المسلمين واللبنانيين وبيتهم ومرجعيتهم، دار الافتاء الصامدة الوحيدة بعدما تهاوى الأولياء السياسيون، بعضهم بالاعتزال والبعض الآخر بدفن الرأس في الرمال، وآخرون سلبت منهم الصلاحيات. وحدها دار الإفتاء واقفة “بوج الريح”، بحيث تحولت دار المسلمين إلى قبلة وطنية، منها تخرج الشراكة الحقيقية إلى رحاب الوطن باعتبارها حارسة الهيكل وحصنه الحصين، وفي كل مرة تتواطاً النفوس الرخيصة من أهل السياسة على الحقوق، فإن الدار تقف بالمرصاد دائماً لتعيد إلى الميزان توازن الدفتين.

فحذار ثم حذار المس بالميثاقية، كفى فبركة السيناريوات عن “داعش” وشبكاتها حين تدعو الحاجة الى النيل من الشارع السني من أجل إحكام القبضة الأمنية عبر الملاحقات المدروسة. وكفى متاجرة من بعض النواب السنة بموضوع القمة وهم يعلمون أن موجب انتخابهم واضح وأن حضورهم الى الدار الزامي لا خياري، فالخطر بات داهماً على طائفة أصبحت مكسر عصا للهواة من السياسيين، فريق منهم يريد الهيمنة والسلطة على رئيس الحكومة المكلف، فلا يفرج عن تشكيلة وزارية أناط الدستور برئيس الحكومة وحده تأليفها، ليأتي التوقيع الرئاسي وينصب الأفخاخ معرقلاً كالأسد إلى ما لا نهاية، ويتحول بعدها إلى نعجة مع الثنائي رافعاً لافتة “أمرك سيدنا”، وفريق آخر قرر الهيمنة عبر سلاحه الذكي، وبيئة تتمتم كلاماً طائفياً ومذهبياً في شوارع أهل السنة، انهم جميعاً يستبيحون الدولة والقانون في حلف شيطاني يتبادلون به الفراغ المحكم عند كل استحقاق دستوري.

أما الترسيم في البر والبحر فبات مادة دسمة يتقاسمها أصحاب الحاجات مع الأميركي. هذا يريد عفواً في ملفه الثقيل، وحزب يعلي الصوت كي يسمع المفاوضون في فيينا أن إيران ليست لقمة سائغة في الملف النووي. فأين هم أهل السنة من كل هذا؟ وأين هو الشريك المؤسس لهذا الكيان؟ الأسئلة كثيرة والجواب دائماً وأبداً يبقى في الدار الجامعة برعاية مفتي الجمهورية الذي يعلم الكثير ويضع في قلبه الأكثر.

هم أنفسهم بالأمس القريب حاولوا إقرار قانون خاص بالعفو عن المساجين… تفتقت عبقرية هؤلاء عن تقديم لوائح اسمية تتضمن ٩٠ بالمئة أسماء لمساجين متهمين بالاتجار بالمخدرات، وهذا إن صح فهمه في علم الاختصاص جزء من البيئة الحاضنة، وبالتالي فإن القانون وضع لخدمة هؤلاء فقط فيما المساجين السنة لن تتعدى نسبتهم الخمسة بالمئة من هذا العفو وهم يعلمون أن الوطن يعيش العصف الفوضوي والدوس على القانون. انه زمن الحقبة الثانية للرئيس القوي، في الأولى دمر كل شيء اما في الجزء الثاني فوضع الجميع في جهنم فيما وريثه يشعل نارها كلما خفتت.

غداً حذار من كبار القوم، عندما ينزل الجميع بلباسهم الأبيض الموحد، هل تذكرون قمة عرمون؟ هل تذكرون المفتي حسن خالد والصلاة الجامعة في الملعب البلدي؟ هل تذكرون البطريرك صفير؟

كفى، لقد استيقظ كبار القوم حتى تأتينا قعقورية تتبجح أو تتحجج بأنها صناعة التغيير وأنها لا تملك قرار المشاركة في قمة نواب السنة!

قاطعوا ما شئتم مرجعياتنا الوطنية يا من رفع بعضكم شعار الشذوذ وأيد زواج المثليين، فغداً ستدركون وحدكم أنكم مجرد نواب الصدفة، وبعد الغد سنصادفكم لنقول لكم انكم مجرد كرات هواء منتفخة.

المصدر لبنان الكبير