ترسيم الحدود البحرية: بيروت تؤكد انتصارها وتل أبيب تعلن تحقيق أهدافها

3 أكتوبر 2022
ترسيم الحدود البحرية: بيروت تؤكد انتصارها وتل أبيب تعلن تحقيق أهدافها
عبد معروف
عبد معروف

حتى اللحظة تتضارب التصريحات والبيانات حول نتائج المفاوضات غير المباشرة بين بيروت وتل أبيب بشأن الاتفاق المرتقب لترسيم الحدود البحرية، فالحكومة اللبنانية تعلن أنها حققت أهدافها وتمكنت من الحصول على موافقة إسرائيلية باستخراج الغاز من حقل “قانا”، وأعلنت تل أبيب انتصارها بأن يكون ترسيم الحدود بين دولتين كما ترى، وبالسيطرة الكاملة على حقل “كاريش” وتخلي لبنان عن الخط 29 كحدود فاصلة بين المياه الاقليمية اللبنانية مع فلسطين المحتلة.

ففي وقت أكدت فيه مصادر لبنانية بارزة ومختصصة أن الخط 29 هو الخط الحدودي المتنازع عليه، أعلن لبنان عن متمسكه خلال المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي على الخط 23 بما يؤكد أن حقل “قانا” كاملا هو حقل لبناني.

وأشار نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، إلى أن “لبنان كان في موقع متقدم في المفاوضات من خلال الموقف الموحد وعامل القوة المعروف لدى الجميع والدبلوماسية التى استندت على هذين العاملين”، وأكد أن “الجو إيجابي جدا، وهذا واضح من خلال اعتراف الفريق الآخر أن لبنان نال أكثر من الجانب الآخر باعترافه”.

فهل وقع لبنان في الشرك الاسرائيلي؟
طبعا من حق لبنان استثمار ثروته الطبيعية، ومن حقه أيضا استخراج الغاز من حقل “قانا”، لكن الخلاف مع الجانب الاسرائيلي في بداية المفاوصات كان على الخط 29 وأن حقل “كاريش” هو حقل حدودي متنازع عليه، وبالتالي تمكن العدو من جر لبنان إلى مفاوضات غير مباشرة على الخط 23 وأنه سيسمح للحكومة اللبنانية باستخراج الغاز من حقل “قانا”.

لبنان اعتبر أن حسم الموقف الاسرائيلي بمنح لبنان حقل “قانا” كاملا هو انتصار كبير، ذلك لأن لبنان يتعرض لانهيار مالي غير مسبوق وبالتالي فإن السماح للبنان أو الاتفاق مع لبنان باستخراج الغاز من حقل “قانا” تعتبره الحكومة اللبنانية انتصارا وتحقيقا لأهدافها التي ذهبت من أجلها إلى المفاوضات غير المباشرة برعاية وسيط أمريكي (ترسم على تحركاته الكثير من الشبهات)، لا تختلف كثيرا عن الوساطات الأميركية السابقة على امتداد سنوات الصراع العربي الصهيوني، بما فيها مهمة فيليب حبيب خلال الاجتياح الصهيوني للبنان، حيث طلبت القيادة الفلسطينية في ذلك الوقت خروجا “مشرفا” من بيروت، بينما كان هدف شارون وفيليب حبيب “الخروج” القيادة الفلسطينية اعتبرت الخروج “المشرف” انتصارا، بينما شارون وفيليب حبيب اعتبر “الخروج” بحد ذاته انتصارا.

فالاتفاق المرتقب توقيعه برعاية أمريكية، يرسم الحدود البحرية مع كيان غاصب، يعني بشكل أو بآخر اعتراف لبنان بوجود كيان له حدوده البحرية أولا، وبالتالي سيعمل العدو على أن يكون هذا الاتفاق خطوة تتبعها خطوات لترسيم الحدود البرية، تحت مبررات وأسباب أمنية أو اقتصادية أو سياسية أو مالية باتجاه اعتراف لبناني بالكيان الصهيوني.

وفي السياق، أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، متوجهاً إلى بنيامين نتانياهو، إلى أن إسرائيل تحصل على مئة بالمئة من احتياجاتها الأمنية، ومئة بالمئة من حقل كاريش، وحتى بعض أرباح الحقل اللبناني”.

واعتبر أنه “من الممكن الثناء على حكومة تعمل وتحقق نتائج لاسرائيليين”.

لذلك أبدى عضو كتلة نوّاب التّغيير” النّائب ابراهيم منيمنة، استغرابه من أسقاط الحكومة اللبنانية الخط 29 باعتباره خطا حدوديا و”هو الثّابت علميًّا كحقّ وطني”.

وشدّد، في تصريح، على أنّها “مؤامرة خرقت الاصطفافات التّقليديّة، فكلّهم كان يعلم وكلّهم تنازل، فيما يحاول البعض اليوم ادّعاء الانتصار، لتغطية الخيانة والتّفريط بالحقوق من دون سند قانوني، سيدفع لبنان ثمنها مستقبلًا”
كما أشار النائب فراس حمدان، إلى أنه “وفق المرتكزات الموجودة الخط 29 حدودنا الإقتصادية، ونحن طالبنا بتعديل المرسوم ورغم معادلة قانا مقابل كاريش، هناك جزء من الحقل سيكون عند الإسرائيلي”
أفكار وتصريحات وبيانات متضاربة حول الاتفاق المرتقب بين بيروت وتل أبيب، لكن بالعموم، واستنادا إلى النتاج التي نص الاتفاق كما يتم تسريبه، فإن الاتفاق هو مع عدو وبرعاية عدو لا يؤتمن، يجعل من ترسيم الحدود البحرية مدخلا للاعتراف بالكيان الاسرائيلي، وخطوة باتجاه المزيد من المفاوضات مع القادم من الأيام من أجل ترسيم حدود أخرى يكون مضمونها اعتراف لبنان بالكيان يعتبر عدوا، ويشكل وجوده وتهديده للبنان مبررا منطقيا لسلاح المقاومة.

المصدر بيروت نيوز