بعد هروب ميشال عون من القصر الجمهوري في 13 تشرين الأول 1990، هيأ الله سبحانه للبنان رجلين تاريخيين لاعادة بناء ما خلفه الهارب من الدمار والانهيار، وهما الراحلان فخامة الرئيس الياس الهراوي، ودولة الرئيس الشهيد رفيق الحريرى، فكان أن عاش لبنان مرحلة من النهوض والبناء وإعادة الاعمار لا يزال أثرها الى يومنا هذا.
واليوم بعد خروج ميشال عون مرة أخرى من القصر الجمهوري، وانتهاء عهده الجهنمي ولله الحمد، في 31 تشرين الأول2022 ، ومخلفاً ما هو أسوأ من دمار 1990، فقد لبنان أبسط مقومات الحياة، التي في أشد أيام الحرب الأهلية لم يفقدها نهائياً وبقيت مستمرة.
أما اليوم للأسف فنحن أمام دمار شامل، وأعتقد أن معظم الشعب إلا من ابتلي باللوثة العونية، سيعتبر يوم الخروج الموعود في 31 الشهر الجاري، يوماً تاريخياً بل وعيداً مجيداً سعيداً، ومناسبة للاحتفال بكل ما هو متاح ومباح، على أمل أن تكون هذه الحقبة السوداء في حياة اللبنانيين انتهت الى غير رجعة.
نعم مرحلة الخروج من جهنم، وإعادة النهوض والبناء، والعودة بلبنان أقله الى ما كان عليه قبل هذا العهد الظلامي المشؤوم، تحتاج الى الهراوي والحريري جديدين أكثر تعاوناً وانفتاحاً.
فرئيس الجمهورية الذي يجب البحث عنه وانتخابه للمرحلة الراهنة والمستقبلية،
ليس الرئيس القوي والأكثر تمثيلاً وشعبية في طائفته فقط، فقد جرّبنا هذا النوع من الرؤساء، وما جنينا منه الا الويلات والمآسي، والتعطيل والخراب والفساد،
وكانت طائفته من أشد المتضررين وكذلك حال بقية اللبنانيين.
المطلوب اليوم:
– الرئيس الذي يهمه لبنان، كل لبنان وكل أبنائه وطوائفه، وليس صهره وحاشيته والمصفقين له فقط.
– الرئيس المنفتح على كل الحلول المتاحة التي يمكن أن تنقذ الوطن والمواطن من الوضع المرير الذي يمر به.
– الرئيس المتعاون مع كل من يستطيع العودة بلبنان الى سابق عهده، بغض النظر عن طائفته وإنتمائه السياسي.
– الرئيس الذي يعيد لبنان إلى الحضن العربي ويصل ما انقطع مع أشقائه العرب.
وقبل كل ذلك الرئيس الذي يحافظ على اتفاق الطائف، الذي هو صمام الأمان للبنان والضامن للوفاق الوطني والعيش المشترك، ويعمل على تطبيق بنوده كاملة، من غير تعطيل ولا تحوير، ولا تحريف ولا تبديل.
وأخيراً وليس آخراً أن يكون حكماً وحاكماً، لا محكوماً من فئة دون سواها، وراضخاً لقراراتها وشروطها، ومنفذاً لتعليماتها، وحامياً لمصالحها. ما يعني بكل صراحة ووضوح، أن يكون القرار الذي يصدر عنه صادراً من بعبدا، وليس من حارة حريك في الضاحية الجنوبية.
أما عن رئيس الحكومة، فبعد أن يُنتخب الرئيس الذي يحلم به اللبنانيون، لن يكون من الصعب إيجاد من يتحمل مسؤولية السلطة التنفيذية كما تحملها الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله، ويقوم بإعادة البناء والنهوض، جنباً إلى جنب مع رئيس الجمهورية، فوطننا يزخر ويفخر بأبنائه الذين يملكون الطاقات والامكانات التي تمكنهم من ذلك.
المهم الآن أن نجتاز الامتحان الأصعب باختيار رئيس للجمهورية اللبنانية وليس بيدقاً عند الجمهورية الإيرانية.