لبنان في يد الميليشيات!

13 نوفمبر 2022
لبنان في يد الميليشيات!
هاجر طبارة
هاجر طبارة

ظهر أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله يوم الخميس في الحادي عشر من شهر أكتوبر في الوسط عبر بعض شاشات التلفاز، لإحياء مناسبة يوم الشهيد.

و كان نصر الله قد بدأ خطابه باستذكار الحدث الذي جرى في هذا اليوم و هو العملية “الاستشهادية” التي نفذها الشهيد أحمد قصير، حيث اقتحم مبنى الحاكم العسكري الإسرائيلي في منطقة جل البحر قرب مدينة صور و دمره تدميراً كاملاً، مما أدى إلى مقتل ما يزيد على مئة ضابط و جندي إسرائيلي .

واعتبر نصرالله في خطابه أن هذه العملية هزت كيان العدو، و أسست للتحرير الأول عندما اُجبر العدو الإسرائيلي على الانسحاب من بيروت و الضواحي، و صيدا و صور، و النبطية و البقاع الغربي و راشيا، بعد أقل من ثلاث سنوات على العملية.

فما كان ليحدث لولا حزب الله و المقاومة؟

واذا كانت العملية التي استهدفت مقر الحاكم العسكري الصهيوني قرب صور عملية بطولية ساهمت في اهتزاز الوجود العسكري الاسرائيلي في لبنان وبعد ذلك اندحار جيش الاحتلال من بيروت وصيدا وصور وغيرها، فليس من المنطق عدم ذكر انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية و استعراض العمليات البطولية في بيروت وصيدا وصور …ساهمت بشكل كبير في دحر قوات الاحتلال لتجبر العدو على إطلاق صرخاته طالبا وقف العمليات ضد قواته ليتمكن من الانسحاب من بيروت. وهذا ما جرى قبل انطلاقة حزب الله .

أكمل نصرالله خطابه بتدخله غير المفاجئ في السياسات الدولية وتكلم عن الانتخابات الإسرائيلية و الأميركية، بشكل مستغرب يوحي للراي العام اللبناني بأنه ضد هذه السياسات، لكن واقع الحال يؤكد أن الحدود الجنوبية مع الكيان المحتل حدود آمنة وغير متوترة كما هي الحدود مع أي دولة وقعت اتفاقيات التسوية مع العدو.

ومن اللافت أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع الكيان الاسرائيلي جاءت برعاية وموافقة حزب الله وبالتالي اعتراف ضمني بالاحتلال من جهة والتأكيد على أن حزب الله اتبع طريق المفاوضات وتخلى عن نهج القتال والمقاومة ضد الاحتلال .

أما بالنسبة للانتخابات الأميركية، فقد تناولها نصرالله قائلاً أن أميركا هي الشيطان الأكبر التي لم نر منها سوى الحروب و الجرائم، و كأنه نسي أن المقاومة التي يقدسها هي لعنة بذاتها اُصيب بها لبنان! بل ونسيةاو تناسى أن ترسيم الحدود التي باركها الحزب كانت برعاية أمريكية وبرعاية وسيط امريكي صهيوني..

“لعنة” أو “وباء” كلمة وصفت بها المسؤولة الأميركية المعنية بلبنان في وزارة الخارجية الاميركية قبل أيام حزب الله، و لا شك أن هذه الكلمة خلقت أزمة لدى نصرالله.

حيث اعتبرها كلمة ثقيلة تُوجّه إلى حزب الله كون المقاومة هي التي حاربت أميركا و أخرجتها من لبنان.

و في الوقت نفسه، ردّ نصرالله على المسؤولة الأميركية بقوله أن أميركا هي الوباء و اللعنة بسبب تخطيطها لكافة العمليات التي قامت بها اسرائيل على الشعب الفلسطيني.

و النقطة الاهم في خطابه، عندما بدأ بالكلام عن الوضع اللبناني قائلاً أن المشكلة في لبنان هي ” عندما لا نعرف من العدو”، ناسياً أن الوضع الذي قاده حزب الله هو الذي أدى إلى هذا الضياع وأدى إلى اختلاط الامور وتضليل الشعب وتشويه وعيه واشغل الشعب بملفات الفساد والمخدرات وقوارب الموت والجوع والنهب…ورغم كل ذلك الشعب اللبناني لا يتخلى عن مواقفه بأن العدو هو الاحتلال والقوى والأحزاب الطائفية والفساد السياسي والمالي .

و بالنسبة لملف الرئاسة الجمهورية لم يتوجه بلوم أو اتهام لأي فريق بموضوع الفراغ الرئاسي، ناسيا أيضاً أن الفريق التابع لحزب الله لا يقوم بترشيح أو انتخاب أحد خلال الجلسات.

فمطالبته بانتخاب رئيساً للجمهورية بالشخص المناسب لا تعني فقط أن يكون مناسباً للمصلحة اللبنانية، بل أن يكون شخصاً يسكت و يساهم في الأعمال التي يقوم بها حزب الله من خلال صرف النظر و المساعدة،أي، بكل اختصار، شخص لا يقف في وجه أعمال الحزب وتسهيل سياسته وتحركاته وسيطرته على المعابر الحدودية و المرافئ العامة لتسهيل نشاطاته العابرة للحدود .

“لو أن صاحب القرار في لبنان هو حزب الله، كان عندكم كهرباء عشر ساعات”، يعود مكان هذه الجملة التي قالها في خطابه، على الرّف المُغبّر في مخيّلة نصرالله إلى جانب حلم المقاومة الّذي تخلى عنه عند الموافقة على ترسيم الحدود البحرية.

فليس من الممكن انكار أن هناك أسباب كثيرة للانهيار تتحمل مسؤوليتها قوى وأحزاب الأمر الواقع التي توصلت لبنان إلى جهنمهم، بينما يتربع البعض في منصبه مرتديا الثوب الملائكي.. مدعياً البراءة.

المصدر بيروت نيوز