شهد اللّبنانيّون حدث غير مألوف يوم الخميس في التاسع عشر من شهر كانون الثاني 2023، حيث أعلن مجموعة من النواب اللبنانيين الاعتصام المفتوح داخل أروقة المجلس النيابي و عدم مغادرتهم إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية.
و كان مجلس النواب قد عقد في هذا اليوم جلسته الحادية عشر لانتخاب رئيس للجمهورية، و انتهت كالعادة دون الاتفاق على اسم يحظى بالأغلبية اللازمة من أصوات النواب.
لم تحمل الجلسة أي جديد للبنانيين ، فالشعب تعوّد على هذا النوع من الجلسات، حيث يحضر النواب إلى المجلس و يرحل منه دون أن يصدر قرار يصب في مصلحة الدولة.
ففي سنة 2022 و تحديدًا في فترة ما قبل الانتخابات النيابية، عرض المرشحون برنامجهم الانتخابي، و على الرغم من اختلافهم إلا أنهم اجتمعوا في نقطتين و هما الحرص على انتخاب رئيسًا للجمهورية اللبنانية مستقل عن الجهات السياسية و ذلك ليركز على اخراج الدولة من الأزمات التي تواجهها،و العمل على توصيل صوت الشعب و مطالبهم إلى السلطات اللازمة و تأمين كافة حقوقهم إذًا، كان التركيز بشكل كبير على الشعب.
فأين هي هذه الوعود اليوم؟
تميزت جلسة الخميس عن سابقاتها بإعلان غير مألوف لم يسجل في تاريخ الحياة السياسية من قبل، و جاء من قبل النائبين ملحم خلف و نجاة صليبا.
قسم من الشعب فرح بهذا الإعلان و تفاءل، فلعل هذه الحركة ستحدث تغيير لصالحه، و القسم الآخر اعتبرها مسرحية جديدة يقوم بها البعض من النواب.
من الواضح أنه هناك ضغط سياسي في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية، و يُعرّف هذا الضّغط ببعض الكتل السياسيّة التي تهدف إلى عرقلة هذه الانتخابات، و ذلك من خلال الحضور إلى المجلس بهدف إثبات حضورهم فقط.
و لكن السؤال الأهم هو ماذا بعد هذا الاعتصام؟ هل سيخرج الدخان الأبيض من مجلس النواب؟ أم ستبقى هذه الغيمة السوداء مسيطرة على الدولة؟ و تبدو الحقيقة أن الشعب لن يرى الدخان الأبيض في فترة قريبة.
الاعتصام داخل المجلس ما هو إلا استعراض، يقوم به النواب على الشعب اللبناني لعلّه يصدق، و لكنهم لا يعلمون ان الشعب لم يعد يثق بهذه الكتل السياسية.
فالأزمة الاقتصادية تتفاقم يوم بعد يوم، و أبسط حقوق الشعب غير متوفرة مثل الكهرباء و الماء، و كل ما استطاعت الكتل السياسية أن تعمله هو الاعتصام.
كيف يريدون من الشعب أن يقف إلى جانبهم ليدعمهم و هم لم يتركوا لهم أي سبب لذلك؟
ترشّح البعض لهذا المنصب و في تفكيرهم أنها مجرّد لعبة، و أنه من السهل الوصول للكرسي من خلال جذب الشعب ببعض الأكاذيب.
فهذا ما ينتج عند إعطاء المناصب لأشخاص لا يستحقونها.
كفاكم استعراض فالبلد غير قادر على التحمل أكثر من ذلك!