ماذا لو هدم الاحتلال الاسرائيلي المسجد الأقصى؟

25 مارس 2023
ماذا لو هدم الاحتلال الاسرائيلي المسجد الأقصى؟
عبد معروف
عبد معروف

تعتبر جرائم الاحتلال الاسرائيلي وعملياته العدوانية واحدة من أبرز سياساته وأساليبه من أجل تحقيق أهدافه في السيطرة وتهويد الأراضي المحتلة، وتعميم اليأس والإحباط في نفوس العرب عامة والفلسطينيين خاصة.
ومنذ وعد بلفور عام 1917، قامت العصابات الصهيونية المسلحة بعمليات القتل والهدم وارتكاب المجازر بهدف إبعاد الفلسطينيين عن وطنهم وممتلكاتهم وتحويلهم إلى شعب مشرد يبحث عن معالجات ومساعدات إغاثية لقضاياه الانسانية.

ومنذ تأسيس الكيان الغاصب على أرض فلسطين، ارتكبت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة أبشع عمليات الهدم ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وارتكاب المجازر وعمليات القتل من أجل تهويد الأرض والمعالم، ومن أجل دفع الفلسطينيين لمغادرة ممتلكاتهم ووطنهم المحتل.

ونفذت سلطات الاحتلال خلال العقود الماضية آلاف عمليات هدم وتدمير المنازل والمؤسسات حتى أماكن العبادة.

وكانت عمليات الاحتلال العدوانية تمر باعتبارها حدثا آنيا، يمكن بعدها للعرب والفلسطينيين أن يطلقوا التهديدات وبيانات الادانة والاستنكار وفي أحسن الأحوال يمكن الدعوة للمظاهرات والصدامات مع مواقع الاحتلال من أجل تنفيس الاحتقان.

وليس جديدا ما تتحدث عنه التقارير المتداولة بأن الاحتلال يستعد ويتبع أساليب متعددة لهدم وتدمير المسجد الأقصى، وهي استعدادات وتحضيرات تقوم بها عصابات متطرفة لكنها برعاية وموافقة السلطات الاسرائيلية.

بل إن الحكومة الاسرائيلية تعمل دائما على تغطية ودعم المستوطنين الارهابيين في التخطيط والتحضير لهدم الأقصى من أجل كسب تأييدهم في الخلافات والتعارضات السياسية القائمة داخل الكيان.

وسمحت خلال العقود الماضية بالحفر في باطن التربة تحت المسجد الأقصى بحثا عن معالم للدين اليهودي، وسمحت للمستوطنين بالاقتحامات المتكررة للمسجد المبارك.

وبالتالي، فإن الهدم ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات، هي سياسة العدو الاسرائيلي، ومن أساليبه العدوانية من أجل تحقيق أهدافه، كما أن سلطات الاحتلال تعلم أن ليس لدى العرب والفلسطينيين ما يمكن أن يفعلوه في حال هدمت المسجد.

لذلك فإن هدم سلطات الاحتلال للمسجد الأقصى ليس أمرا متوقعا فحسب، بل هو أمر أصبح حتميا، وهناك استعدادات صهيونية جادة لذلك.

فماذا لو هدم الاحتلال المسجد الأقصى المبارك؟

لا شك أن بيانات الاستنكار والادانة والخطابات والشعارات سوف تتصدر وسائل الاعلام، ويطلب من مجلس الأمن أيضا اجتماعا عاجلا لإدانة شديدة اللهجة، وستنتفض الجماهير الفلسطينية وربما العربية والاسلامية بعفويتها وعواطفها، وحتما ستكون هناك مواجهات شعبية مع جيش الاحتلال عند المعابر، وسيطلب من جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي عقد اجتماع طارئ، وسوف يطلق البعض تهديدات بقطع العلاقات ووقف عمليات التطبيع الأمني والسياسي والاقتصادي.

كل ذلك سيحدث، ولكن هل سيكون كافيا وبمستوى الحدث؟ وهل هذه الاجراءات الشكلية ستضع حدا لاستمرار العدوان وعمليات الهدم ومصادرة الأراضي وقتل المدنيين؟
طبعا لا، فالردود التي أطلقتها الأمة العربية ومنها الجانب الفلسطيني منذ أكثر من قرن في مواجهة العمليات العدوانية الصهيونية لم تردع العدو، ولم تضع لعدوانه حدا، ولم توقفه عن ارتكاب عمليات القتل والهدم ومصادرة الأراضي .

وستقول تل أبيب للعرب جميعا ومنهم الفلسطينيين:” أطلقوا ما تشاؤون من خطابات وشعارات وبيانات، فهذا لن يعيد بناء المسجد الأقصى”.

فالبنية العربية ومنها الفلسطينية بكل أطرافها غير قادرة وليس في مقدورها لا الرد على العدوان ولا دحر الاحتلال ولا تحرير الأرض، لأن المواجهة تتطلب بنية أخرى قائمة على الاستعداد الجاد والتنظيم الفاعل وعلى وحدة وطنية مقاتلة، وتنظيم صفوف الشعب وحشد طاقاته في ميادين القتال والثورة، وهذا يتطلب قوى سياسية قادرة وصلبة ولديها القدرة على المواجهة وتقديم التضحيات، وهذا أمر ضروري وحتمي للمواجهة، لكنه مخاض طويل وصعب، ويحتاج للقدرات والشعب الفلسطيني غني بها وقادر على المواجهة مع العدو وعلى استعداد لتقديم التضحيات لكنه يحتاج اليوم لقوى سياسية أكثر قوة وصلابة وقدرة، تعمل من أجل الوطن على سطح الأرض وليس حلما بالجنة في السماء.

المصدر بيروت نيوز