تعتبر العلاقات العامة من العلوم التي ظهرت في فترة متأخرة رديفة للإدارة بشكلٍ عام ولإدارة المنشآت بشكلٍ خاص، وذلك مع ظهور أنماط حديثة في الإدارة هدفها رفع سوية الإدارة وفاعليتها وانتاجها وتسويق منتجاتها، وهي جزء من تقسيم المهام على عدة أشخاص بعد أن كانت في السابق توكل إلى شخص أو اثنين.
وفي رحلة تطوير الإدارة ظهرت العديد من المواقع الوظيفية المتفرعة عن موقع المدير والتي تقوم بأدوار جزئية هدفها انجاز العمل على أكمل وجه، ولكن يختلف حجم الاعمال التي يقوم بها كل من هذه المواقع الوظيفية الرديفة تبعاً للمهام الموكلة إليه، فالتسويق مثلاً يهتم بالجانب التسويقي على وجه الخصوص مع معرفة بعض خصائص المنتجات لكي تكون سلاحه التسويقي، والمحاسبة كذلك تعتمد بشكلٍ أساسي في معرفة علم المحاسبة، دون أن يكون له أي معرفة تذكر في جوانب أخرى في عملية الإنتاج. وقس على ذلك.
لكن في المقابل تعتبر العلاقات العامة على قدر كبير من الأهمية في الإدارة، بسبب الدور الكبير الذي من المفترض أن يقوم به الذي يشغل هذا الموقع من تداخل مع أغلب الأقسام التي تضمها هذه المنشاة او المؤسسة.
فعلاقات العامة أشبه بالمظلة التي تغطي تحتها العديد من الجوانب التي تتعلق بعملية الإنتاج من الناحية التقنية، والمواد الأولية، وطبيعة السوق التي تُطرح فيه منتجاتك، والثقافة التي تحيط بعملية الإنتاج بشكلٍ دقيق، وغيرها العديد من الجوانب التي لا حصر لها.
ويعزى نجاح من يَشْغَل مسؤول العلاقات العامة على الإحاطة بالكثير من جوانب العمل المتعلقة بعمله وبالمؤسسة أو المشروع الذي يعمل به، والعلاقات العامة يقترب تعريفها مما قاله توماس هنري( أن تعرف شيء عن كل شيء وكل شيء عن شيء) لكن الطامة الكبرى يرى الكثير من أن العلاقات العامة ما هي إلا منصب يعتمد على شبكة هشة من العلاقات أو واسطة في مكان ما، وسرعان ما تظهر هشاشة هذه الشبكة مع أول معضلة يواجهها في العمل، وربما لا يكون يبدي دوره المنوط به، بحيث لا تأثير يذكر لموقعه الوظيفي في سير عملية الإنتاج، وسيظهر جلياً للمحيطين به مدى انعدام خبرته في مجاله.
ويذكرني في هذا السياق حادثة ( مدير مطعم “تزبب قبل أن يتحصرم” يسأل الشيف عن لون Cheddar cheese عن أنه أفتح من البارحة، هل قللت كمية العصفر في الخلطة؟؟).
في ظل هذا المثال مع وجود عشرات النماذج سواء مدراء أو أشخاص في موقع الإدارة وخاصة العلاقات العامة، والذين من المفترض أن يكونوا ضابط إيقاع للمؤسسة ويعملوا على إيجاد تناغم بين الأقسام المختلفة، لكن هناك الكثير من الأمور التي تحكم تقوقع هؤلاء وفشلهم في تحقيق الأهداف المرجوة من المؤسسة إلى أن يصل الحد في بعض الأحيان إلى انهيار المؤسسة واغلاقها، وذلك لأسباب عدة يأتي في مقدمها عدم تهيؤ هؤلاء لمثل هذه المواقع بالدرجة الأولى، وعدم المرونة في العمل، والافتقار إلى مهارة الاستماع فضلاً عن ادعاء المعرفة.
وإذا استمر الشخص في هذا الموقع سيؤدي في نهاية المطاف إلى إبطاء المؤسسة وإفشالها في تحقيق أهدافها، وهو كالطفل الذي يلبس حذاء أبيه ويريد أن يسابق أقرانه، دون ان يستمع على نصيحة الآخرين بلبس حذا يتناسب ومقاس رجله.