الاعلام و”طوفان الأقصى”

9 أكتوبر 2023
الاعلام و”طوفان الأقصى”
عبد معروف
عبد معروف

مع طلقات الفدائيين في عملية”طوفان الأقصى” والمشاهد البطولية التي سطرها أبطال من شعبنا، يصبح صوت القلم خافتا أمام الضجيج العفوي، والخطابات والأغاني الوطنية وشعب يتمسمر أمام الفضائيات لمتابعة التطورات الميدانية.

ونحن اليوم أمام بنادق الثوار، لا تساوي كل كلمات وشعارات الدنيا الرنانة أصوات الطلقات والصواريخ ترعب جنود وجنرالات الإحتلال التي جاءت اليوم استكمالا لنضال شعب عظيم لنتذكر عمليات الحمة، والشهيدة دلال المغربي، وسافوي، ونهاريا والطائرات الشراعية والفدائية والاستشهادية في تل أبيب والخضيرة وغيرها.

وتأتي عملية “طوفان الأقصى” الآن لتؤكد مجددا أن خير النضال والثورة مازال في شعبنا وأمتنا، رجال أشداء وبنادق تقاتل العدو في ميادينه بكل إرادة وعزم، لم تتمكن مخططات ومشاريع العدو من كسرها.

ولا شك أن للإعلام دور بارز خلال هذه المحطة التاريخية من نضال الشعب الفلسطيني، وعلى الاعلام الوطني الصادق أن يواكب الأحداث ويتابع التطورات ويعمل على رفع مستوى والوعي والمعرفة في صفوف الشعب.

فالاعلام يشكل اليوم كما كان يشكل دائما السيف والدرع ليس لنقل الحقائق ومسار الأحداث فحسب، بل أيضا لتوضيح الموقف ورفع مستوى وعي الشعب ومعرفته كخطوات ضرورية لحشد الطاقات في ميادين الصراع المختلفة، وتكوين رأي عام قادر على الصمود والمواجهة.

وبالتالي وبعيدا عن الشعارات والخطابات الرنانة و “الهرطقات” و”الهوبرات” العفوية، هناك ضرورة بالتوازي مع تصاعد العمليات العسكرية وتصعيد العدوان الصهيوني، هناك ضرورة لمواكبة إعلامية وطنية وهادفة بعيدا عن الخيالات والأوهام، وأيضا إعلام قادر على بلورة وعي مقاوم يواجه حالات اليأس والاحباط والتهديد التي يحاول العدو إطلاقها.

وإذا كانت “طوفان الأقصى” عملية بطولية غير مسبوقة، وقد استنهضت الروح الوطنية والثورية في صفوف الشعب وفئاته المختلفة، فدور الاعلام أن يقوم بتنظيم وإدارة هذه الروح حتى لا تبقى عفوية ونذهب بروح الشعب هذه من العفوية إلى الوعي والتنظيم والانخراط في ميادين الصراع، بعيدا عن الخطابات والشعارات الرنانة.

لقد خاض الفلسطينيون ومعهم العرب عمليات بطولية لا تحصى ضد مواقع الاحتلال وكانت القطاعات الاعلامية تهلل وتطلق الشعارات بشكل عفوي، لكن سرعان ما كان يعم اليأس والاحباط أمام توقف المسيرة، أو أمام خطوة استسلام في مفاوضات أو افتتاح سفارة، وفشلت الفصائل في استثمار وتطوير وتصعيد عملياتها في إطار حركة تحرر وطني ومشروع ثوري يعتمد على حرب الشعب طويلة الأمد ما يتطلب الحشد والوعي ورص الصفوف.

اليوم ومع بطولات الفلسطينيين في غزة والأراضي الفلسطينية ونحن مازالنا نعيش فرحة انتصار مبارك في “طوفان الأقصى” هناك ضرورة لكل قطاع شعبي أن يتحمل مسؤولياته، وأبرزها قطاع الاعلام، وأن يدعو هذا الاعلام:

– إلى تصعيد نار الثورة والعمليات العسكرية ضد مواقع ومستوطنات وأماكن الاحتلال.

– إلى وقف الصراعات الداخلية والعمل من أجل الوحدة الوطنية المقاتلة.

– إلى حشد طاقات الشعب خلف الفدائيين والمقاتلين داخل الخط الأخضر وفي قطاع غزة والضفة الغربية.

– إبراز حتمية الكفاح والنضال في إطار حرب التحرير الشعبية، ومقاومة الاحتلال والانخراط في ميادين المواجهة في إطار مشروع ثوري مقاتل .

– تنظيم صفوف الشعب ورفع مستوى وعيه وإبعاد حالات اليأس والاحباط التي عمت خلال العقود الماضية والتأكيد على أن إرادة الشعب الخلاقة قادرة على القتال والمواجهة ودحر الاحتلال وتحرير الأرض.

– إبعاد اللصوص والفاسدين والجواسيس واستنهاض المشروع الوطني الفلسطيني في إطر المشروع النضالي العربي العام .
هذا بدوره يتطلب إعلاما واعيا وإعلاميين مهنيين ووطنيين، ويتطلب وسائل إعلام مهمتها القضية والشعب ومواجهة العدو بعيدا عن مرض التعصب الفئوي والفصائلي .

لا شك أن فئة من الاعلاميين الفلسطينيين خاصة في لبنان، اعتقدت أن الاعلام هواية أو نزهة للشهرة، ووصلت إلى الاعلام الفصائلي بقرار تنظيمي وقيادي، ونسيت أن للإعلام دور وطني ومهني رفيع المستوى، وله دور ريادي في صفوف الشعب ومواكبة القضية وتطوراتها الميدانية لبلورة رأي عام مقاتل، لا يتناسب مع الكذب والتعصب الفصائلي والتسلق إلى مواقع الاعلام.

المصدر بيروت نيوز