كيف يمكن معالجة الأزمة الانسانية في غزة؟ سؤال يطرح في الوقت الذي يلوح فيه شبح المجاعة في الأفق وتغيب فيه الحلول العملية. أنياس كالامار الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية وستيفن كوك الباحث في معهد لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا (CFR)، ورئيس المنظمة الدولية للاجئين جيريمي كونينديك وديفيد شيفر الخبير في القانون الدولي تناولوا هذا الموضوع في إطار نقاش عبر منصة “زووم” سلط الضوء على المعاناة الانسانية في غزة وعلى سبل الحل على أكثر من مستوى.
النقاش غطى القضايا الانسانية الملحة من زوايا مختلفة، من حيث ارتباطها بالسياسة والقانون الدولي والخدمات اللوجيستية للإغاثة الانسانية، وحقوق الانسان. وعلق كونينديك على المشهد العام وحذر من أن المجاعة واقع على الأرض. والمسار الذي نشهده في غزة يوجهنا نحو إعلان هذه الحقيقة الأليمة. ويعتمد مدى سرعة صدور هذا الاعلان على مزيج من العوامل التقنية والسياسية. ولكن الأهم من ذلك هو أن الظروف الحالية تؤكد في نهاية المطاف أن المجاعة موجودة بالفعل، وهذا واضح في البيانات. ونحن الآن في المرحلة التي يتعين فيها التعامل مع الكارثة واحتوائها. ومن المثير للقلق حقاً أن لا وجود لخطة واضحة اليوم. وأعتقد أننا على أعتاب نقطة تحول هائلة في غزة، وهذه هي اللحظة المناسبة لإعلان حالة الطوارئ القصوى. وليس من الواضح أن الحكومة الأميركية لديها خطة متماسكة لكيفية احتواء هذه المجاعة وهذا غير ممكن من دون وقف إطلاق النار.
أزمة إنسانية بجوهر سياسي
وعقبت كالامار بالتنديد بحالة المجاعة المتعمدة، بطريقة لم نشهدها من قبل، على الأقل منذ الحرب العالمية الثانية. وهذا هو المثال الأخير على الانتهاكات المتكررة والمتعددة للقانون الدولي، والاستهداف العشوائي للمدنيين، والقضاء على أسر بأكملها، وتدمير البنى التحتية بما في ذلك الصحة والمدارس وجميع أنواع المرافق الطبية والمقابر. وقد تم تدمير ما يصل إلى 70% من البنية التحتية في غزة وسجل أكبر عدد من جرائم قتل الصحافيين وأكبر عدد من القتلى من العاملين في المجال الانساني وأعلى معدل إصابة بالمدنيين على الاطلاق. ومن المهم الإصرار على حقيقة أن هذه ليست أزمة إنسانية من أي نوع، إنها أزمة في جوهرها، أزمة سياسية تعكس خيارات عسكرية وسياسية وتحديداً الخيارات العسكرية للسلطات الاسرائيلية والخيارات السياسية للولايات المتحدة وحلفائها.
العالم يتغير
أما كوك فرأى أن المجتمع الدولي فشل في تطبيق القانون الدولي ضمن سلسلة من الصراعات في جميع أنحاء العالم. نحن على أعتاب حقبة جديدة في النظام العالمي. نحن نعرف ما مضى. لا نعرف ماذا سيحصل بعد. كما أعتقد أن الادارة الأميركية قد غيرت قليلاً من خطابها. ولكن لا أرى عموماً، تحولاً كبيراً في سياسة الولايات المتحدة على أرض الواقع. وذكر شيفر بالتحركات في المحافل الدولية ومنها في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، مع الاشارة إلى أن فلسطين دولة طرف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بينما إسرائيل ليست كذلك.
وشددت كالامار على ضرورة وضع العدالة الدولية بالفعل على جدول الأعمال. فلا نزال في خضم حرب عسكرية وتدريبات سياسية في جميع أنحاء العالم. لكن العدالة الدولية ينبغي أن تركز على إنقاذ النظام الدولي ووقف الانتهاكات. ومن واجب المجتمع الدولي بذل كل ما في وسعه لضمان رد قضائي وعادل وتحقيق العدالة والا ستكون العدالة للأقوى ولن يبقى سوى القليل من الأمل”.