
في زمن الفوضى، تظهر الزعامات الحقيقية. وفي زمن الانهيار، يعود الكبار… أما الصغار، فينتهون في صفحات فيسبوك ومنشورات واتساب.
نعم، عودة سعد الحريري باتت قريبة وبقدر ما تُقلق خصومه، تُطمئن جمهورًا يتيمًا لم يجد بعد من يملأ الفراغ.
ولنقلها بصراحة مستفزّة: سعد الحريري لم يُهزم، بل انسحب احترامًا للناس، وها هو اليوم يعود احترامًا للبنان.
هربوا من المسؤولية؟ لا، بل الوحيد الذي تحمّلها!
كم زعيم تجرأ على تعليق عمله السياسي وهو في ذروة الشعبية؟ كم قائد قرر التنحي كي لا يغطّي انهيار الدولة؟ الجميع تشبّث بالكراسي، والحريري كان الوحيد الذي عرف متى يتراجع ليحمي ما تبقى من صورته… ومن البلد.
الذين شتموه بالأمس لأنهم “تيار الثورة”، باتوا اليوم يترحّمون على أيامه.
فأين الدولة بعده؟
أين الاعتدال؟
أين الهوية السنّية؟
لقد تُركت الطائفة نهبًا لمغامرين، ومطامع إقليمية، وأسماء سياسية لا تعرف حتى معنى التوازن الوطني.
خصومه يعرفون جيدًا أن عودته ليست عادية… بل زلزال سياسي.
من جعجع إلى حزب الله، من فرنجية إلى باسيل… الكل يرتبك حين يُذكر اسم سعد الحريري.
لأنه الوحيد الذي استطاع أن يقول “لا” للسلاح، و”لا” للتقسيم، و”لا” للفوضى، من دون أن يجرّ البلد إلى الدم.
لم يُساوم على دم رفيق الحريري، ولم يغطّ فساد أزلام الطوائف، ولم يتاجر بالشعارات الرنانة.
من بقي على الساحة؟ أصحاب الشعارات الفارغة؟
– الذين وعدوا بالإصلاح، فنهبوا ما تبقى؟
– الذين ادّعوا السيادة، فاختبأوا خلف مصالح دول؟
– الذين استغلوا الثورة، فتحوّلوا إلى أمراء شعبوية؟
في هذا المشهد الهزيل، وحده سعد الحريري يستطيع أن يجمع التناقضات، أن يُطمئن الخارج، ويُعيد الثقة إلى الداخل.
“صوت العقل ما زال مطلوبًا”
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وصف الحريري بأنه “شريك أساسي للاستقرار في لبنان”، وقال عام 2021: “لبنان يحتاج إلى رجال دولة مثل سعد الحريري، القادرين على بناء تسويات وإنقاذ المؤسسات”.
السفيرة الأميركية السابقة دوروثي شيا أكدت مرارًا أن “الاعتدال الذي مثّله الحريري كان عامل توازن في زمن الانقسامات”.
مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان قال بوضوح في خطبة شهيرة: “سعد الحريري ابن هذا البيت الوطني… غيابه خلق فراغًا، وعودته ستخلق توازنًا”.
الرئيس نجيب ميقاتي رغم التنافس، صرّح في مقابلة على “الجزيرة” قائلًا: “الحريري جزء من معادلة الاستقرار السني، ولا يمكن تجاوز تجربته”.
سعد الحريري ليس مجرد زعيم سابق… هو مشروع دولة.
قد لا يرضي المتطرفين، ولا يجذب هواة العنتريات،
لكنه الرجل الذي إن عاد… خاف الجميع.
وإن قرّر… تغيّر كل شيء.
فليستعدوا: سعد راجع، ولبنان بحاجة له أكثر من أي وقت مضى.