لقمان سليم..اغتيال الصوت الصارخ في “جهنم اللا شرعية”

استنكارات محلية وادانات دولية وخشية من العودة الى التصفيات مصير الاقفال يُبت اليوم وعويدات يحيل لسويسرا مستندات المساعدة القضائية

4 فبراير 2021
لقمان سليم..اغتيال الصوت الصارخ في “جهنم اللا شرعية”
beirut News
تحليل سياسي

هي اللغة ذاتها، لا يتقن سواها رعاة القتل والاجرام ممن يرعبهم الصوت الحر والفكر المتحرر والاقلام الجريئة والعقول النيّرة من السلالات الوطنية الصافية.

لغة لم يعهدوا سواها منذ نشأة لبنان.

توارثوها من مدرسة الافكار الشيطانية التي عجزت عدالة الارض عن محاكمة قادتها لكثرة ما تفننوا في اجرامهم.

الى سجل تاريخهم الدموي، ضموا اليوم الكاتب والناشط السياسي لقمان سليم عاشق الحرية حتى الموت، نجل النائب والحقوقي محسن سليم اشد المناضلين في سبيل حقوق الانسان والدفاع عن الدستور والشرعية، خريج مدرسة الكتلة الوطنية وعميدها ريمون اده.

رجالات من هذا الطراز لم يعد لها من مكان في وطن جهنم الذي لا يأبه القيمون عليه لاغتيال شخصية كسليم، هو امر طبيعي، ما داموا لا يأبهون اساسا لاغتيال مئتين من ابناء بيروت ولا لمصير ستة الاف جريح ولا لعاصمة مدمرة، مضى اليوم بالذات ستة اشهر على اغتيالها، نعم اغتيالها بقلة ضمائرهم واهمالهم.

هم على الارجح معذورون، فانشغالهم بمناكافاتهم ومكتسبات ومواقع حققوها “على ظهر” شعب مذبوح مجروح، لا تتيح لهم الوقت، لاتخاذ ما يلزم من اجراءات لمنع الاغتيالات على اشكالها، او محاسبة مرتكبيها، او حماية المدافعين عن الشرعية والدستور وحق التعبير والاختلاف، وكما اغتالوا بالامس سمير قصير وعشرات غيره لكثرة ما اغاظهم قلمه، اعادوا الكرّة بدم بارد، فأزاحوا من المشهد لقمان سليم ليلقّنوا كل صوت يرتفع ضد سلطة الامر الواقع درساً قاسيا وليطوى في الادراج ملف اغتيال يجهّل فاعله المعلوم.

 عودة الاغتيالات؟: وسط مراوحة سياسية قاتلة بدأت تصيب بتداعياتها الامن الاقتصادي والاجتماعي، دخل عامل الاغتيالات السياسية الى الساحة من جديد، ليكمل المشهد المخيف الذي يرتسم فوقها ويهدد بالاسوأ.

استفاق اللبنانيون اليوم على خبر اغتيال الناشط والكاتب الشيعي المعارض لقمان سليم، بعدما فُقد الاتصال به منذ الثامنة من مساء أمس حينما كان يقوم بزيارة عائلية في بلدة نيحا الجنوبية.

5 رصاصات: الرجل الذي عرف بفكره المناوئ لحزب الله وسياساته والداعم للتعدد في البيئة الشيعية ولثورة 17 تشرين، والذي تحدث عن تهديدات تصله، محملا الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري مسؤولية اي اذى قد يصيبه، تم نقل جثته بناء لاشارة النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان، الى مستشفى صيدا الحكومي، بعدما انهى الطبيب الشرعي  الكشف عليها، وتبين انها مصابة بخمس طلقات نارية اربعة في الرأس وواحدة في الظهر، في وقت تتواصل التحقيقات لكشف ملابسات الجريمة .

وافيد ان رمضان كلف فرع المعلومات بإجراء مسح كامل للكاميرات لمعرفة المسار الذي سلكته سيارة لقمان سليم قبل إغتياله وبتفريغ داتا هاتفه الخلوي وتحليلها.

وكانت العائلة  تمكنت عبر أحد التطبيقات من إيجاد هاتف سليم من دون العثور عليه أو على سيارته، وهي على الأثر تواصلت مع المستشفيات والمخافر من دون التوصل لنتيجة، لتطلق بعدها نداء استغاثة لأي شخص يعرف عنه شيئا، في وقت رجح أصدقاؤه وقوع عملية خطف، قبل ان يتم ايجاده مقتولا في سيارته المستأجرة.

لكشف الحقيقة: في الموازاة، طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، اجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة ملابسات جريمة اغتيال سليم التي وقعت في منطقة العدوسية في الجنوب.

وشدد الرئيس عون على ضرورة الإسراع في التحقيق لجلاء الظروف التي أدت الى وقوع الجريمة والجهات التي تقف وراءها.

من جانبه، كلف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي “الايعاز الى الاجهزة الامنية الاسراع في تحقيقاتها لكشف ملابسات جريمة اغتيال سليم، وملاحقة الفاعلين والقبض عليهم واحالتهم الى القضاء في أسرع وقت”. وشدد على أن هذه الجريمة النكراء يجب الا تمر من دون محاسبة، وأن لا تهاون في متابعة هذه التحقيقات حتى النهاية”.

رسالة للاحرار: في المواقف، استنكرت القوى والاحزاب كلّها، معارضة ام صديقة لسليم، الجريمة. في السياق، غرد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عبر “تويتر”: لقمان سليم شهيد الرأي الحر.

إذا كان للشرّ جولة، فسيكون للخير والحقّ ألف جولة وجولة.

وقال  النائب السابق باسم السبع  ان ‏اغتيال الناشط لقمان سليم ، رسالة مباشرة لكل الناشطين والكتاب والسياسيين من ‏ابناء الطائفة الشيعية الذين يتحركون وينشطون ويعبرون عن أفكارهم خارج المدار ‏السياسي لحزب الله .

‏واستنكر تيار المستقبل “الجريمة النكراء، وحذر من مخاطر العودة الى مسلسل الاغتيالات واستهداف الناشطين، وطالب الجهات المختصة الامنية والقضائية الشرعية العمل على جلاء الحقيقة بأسرع وقت”.

وفي وقت اكد الكتائب أن هذه العصابات الإرهابية لن تنال من صوت الحق، الصارخ في وجه “معادلة المافيا والميليشيا”، داعيا جميع الأحرار في لبنان إلى وقفة واحدة رفضا لاغتيال الوطن المعذّب أصلا، دعا التيار الوطني ” الى عدم استغلال هذه الجريمة لإثارة الفتنة خاصّة ان مصطادي الدماء الاعتياديين بدأوا بعملية الاستثمار السياسي، بل الى استغلال هذه الجريمة لإنزال اقصى العقوبات بحق مرتكبيها كائناً من كانوا للتأكيد ان الاغتيال والعنف السياسي امران لا يمكن السكوت عنهما لبنانياً لأنهما يتنافيان مع معنى تنوّع اللبنانيين”.

و استنكر المكتب الإعلامي المركزي لحركة “أمل” في بيان، “جريمة اغتيال الناشط السياسي والباحث لقمان سليم”، مطالبا بـ”إجراء التحقيق الأمني والقضائي بالسرعة الممكنة توصلا لكشف الفاعلين ومعاقبتهم”.

ادانة دولية: اما في الردود الدولية، فغردت سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو عبر حسابها على “تويتر”: “تلقيت بحزن عميق وبقلق شديد نبأ اغتيال لقمان سليم. أتقدم بأحر التعازي لعقيلته، وأسرته وأقاربه”. وغرد سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف: تلقينا خبر إغتيال لقمان سليم بصدمة وحزن.

أرسل أحر التعازي لعائلته وأحبائه.

ندين ثقافة الإفلات من العقاب السائدة في لبنان التي تسمح بوقوع تلك الأعمال المشينة ونطالب السلطات المعنية بإجراء التحقيق المناسب. وأبدى منسق الأمم المتحدة الخاص في لبنان يان كوبيش، انزعاجه للغاية “من الخسارة المأساوية للقمان سليم الناشط والصحفي المحترم، والصوت المستقل الصادق الشجاع”.

وطلب عبر “تويتر”، من السلطات التحقيق في هذه المأساة بشكل سريع وشفاف واستخلاص النتائج اللازمة”. وقال، “يجب ألا يتبع هذا التحقيق نمط التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي بقي بعد ستة أشهر غير حاسم ومن دون محاسبة. يجب أن يعرف الناس الحقيقة”.

حكومة اصلاحات: وكانت ذكرى مرور 6 اشهر على جريمة المرفأ، محط تعليق ايضا، محليا ودوليا.

وفيما نفّذت وقفات لذوي الضحايا طالبت بكشف الحقيقة ومحاسبة الجناة، طمأنت سفيرة فرنسا اللبنانيين ان الفرنسيين لم ينسوهم ولن ينسوهم وهم باقون الى جانبهم ، متوجهة الى القادة اللبنانيين بالقول:  مسؤوليتكم الفردية والجماعية أساسية.

تحلوا بالشجاعة اللازمة للعمل وفرنسا ستساعدكم، مشددة على انه من غير المقبول بقاء لبنان من دون حكومة تستجيب للأزمة وتبدأ بالإصلاحات.

بدوره، غرد سفير الاتحاد الأوروبي عبر حسابه على “تويتر” قائلا  “ستة أشهر مرت على انفجار بيروت المؤلم.

تضامنا مع الشعب اللبناني، قدم الاتحاد الأوروبي دعمه الكامل على الفور، عبر ارسال فرق البحث والإنقاذ والتقييم الكيميائي والفرق الطبية، إضافة الى المساعدات الإنسانية”

.وقال:” كما قمنا مع الأمم المتحدة، والبنك الدولي بتقويم الأضرار تمهيدا لإطار تعاف محوره الناس.

ولكن مساعدتنا لإعادة بناء لبنان ديموقراطي وشفاف ومزدهر للجميع تتطلب إحراز تقدم ملموس في تنفيذ الإصلاحات”.

وشدد على أن “الشعب اللبناني يستحق معرفة ما حدث في 4 آب.

إنه يستحق الاسراع في تحقيق العدالة والمحاسبة. نجدد دعوتنا للسلطات المعنية بإجراء تحقيق محايد ومستقل وجدير بالثقة”.

الجمود على حاله: على رغم هذه المواقف، لا يزال الملف الحكومي مجمدا، ربما في انتظار عودة الرئيس سعد الحريري من الخارج، علما انه وغداة زيارته مصر رجحت المعلومات انه انتقل الى باريس فأبو ظبي.

وفي المواقف، شدد عضو كتلة “الوسط المستقل” النائب نقولا نحاس على “أن العقدة الحكومية داخلية”، معولا على “طروحات الرئيس نبيه بري الأخيرة التي تفتح باباً جديدا على مسار التأليف مع خروجها عن السياق التقليدي لتأليف الحكومات والتناتش على الحصص لصالح الكفاءة والاختصاص”.

وأكد،أن “الجريمة الكبرى هي بتوفير الدعم من جيوب المواطنين”.

ودعا الى “وضع الخلافات السياسية جانباً والانصراف الى انجاز الإصلاحات المطلوبة فور تشكيل حكومة اختصاصيين”، منبهاً الى أن “لا يجوز الاستمرار بالتعاطي مع الأمور بهذه الطريقة والتاريخ سيكتب من كان مجرماً بحق اللبنانيين”.

مصير الاقفال: صحيا، أعلن مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية وليد خوري ” ان اجتماعات متتالية ستعقد بعد ظهر اليوم وغدا لاتخاذ القرار النهائي بشأن مصير الاقفال العام مع ترجيح التوجه نحو الفتح التدريجي للبلد اعتبارا من الثامن من شباط”.

وقال “يجب إيجاد طريقة ما لاعادة فتح البلد لان الوضع لا يمكن ان يستمر على هذا النحو”.

وأعرب خوري عن “قلقه من ارقام الوفيات بفيروس كورونا ومن المؤشرات التي لا تظهر أي تراجع فيها مع محافظتها على نسبة إصابات تبلغ 22 في المئة من مجموع الفحوص”.

احالة الى سويسرا: في مجال آخر، احال النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، عبر الطرق الديبلوماسية، النتيجة الأولية لطلب المساعدة القضائية المقدمة من السلطات القضائية السويسرية، في قضية تبييض الأموال المقامة من قبل النائب العام السويسري في وجه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه ومساعدته، وذلك بعدما زود الجهة الطالبة بالمعطيات بموجب رسائل إلكترونية.

وطلب القاضي عويدات في المقابل تزويده بالمستندات المتوفرة لديهم على أن يتم، إلحاقا تزويد الجهة المطالبِة بالمستندات من مصرف لبنان والهيئات المصرفية، على أن ينصرف النائب العام التمييزي الى درس كل المستندات المتوافرة، وما قد يرده من السلطات السويسرية وفقا لطلبه وما قد تتضمنه من أدلة كافية لإجراء تحقيق محلي مع المعنيين”.

المصدر المركزية