“تيار” باسيل.. بين “الفصل السابع” وإدانة “إسكات” سليم

8 فبراير 2021
“تيار” باسيل.. بين “الفصل السابع” وإدانة “إسكات” سليم
beirut news
ملاك عقيل

“الحوار الوطني هو السبيل الوحيد لإيجاد الحلول للأزمات التي يتخبّط فيها لبنان”. هو البند الأول في ورقة التفاهم الموقّعة بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” في 6 شباط 2006.

بعد خمسة عشر عاماً على تفاهم مار مخايل يتحضّر الحليفان، “نظرياً” حتّى الآن، على مستوى مسؤولي الحزبين، لحوار داخلي بغية “إنقاذ” ما تبقى من التفاهم. وبالتزامن يُظهِر الطرفان عجزاً عن  “تنفيس” حالات الاحتقان بين جمهورهما على مواقع التواصل الاجتماعي وخارج ضفافها.

الأزمة بين الضاحية وبعبدا صارت أعمق من محاولة تطوير ورقة مكتوبة أمّنت وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية في مقابل غطاء مسيحي لمشاريع حزب الله في سوريا والإقليم. دخل التخوين المتبادل على قاموس الحزبين وأصبح التشكيك في النوايا “ترند” في علاقة يسلّم الطرفان أنّها مأزومة.  وآخر جولات التوتر أجّجتها الذكرى نفسها والمقاربة المختلفة لاغتيال الباحث والناشط السياسي لقمان سليم. والبادئ التيار الوطني الحر…


اعتبر جمهور المقاومة أن تسلّح العونيين بمنطق خصوم حزب الله بأنّ الجريمة “إسكاتٌ لصوت معارض” هو اتهامٌ مبطّن لحزب الله. وما زاد الطين بلّة أنّ الموقف الباسيلي أتى عقب بيان “التنظيم الشعبي الناصري” يوم الجمعة وحملة التخوين والانتقاد التي تعرّض لها أمينه العام أسامة سعد من قبل جمهور ومؤيّدي حزب الله


بيانٌ للمجلس السياسي للتيار بعد جلسة إلكترونية برئاسة جبران باسيل يوم السبت كان كفيلاً بإشعال مواقع التواصل بين “جيشيّ” الحليفين. فقرتان في البيان أثارتا ردود فعلٍ لدى جمهور الحزب ورفعت المتاريس مجدّداً مع العونيين في مقابل قرار مبطّن لدى قيادة الحزبين بعدم التدخل لمنع تمدّد بقعة الزيت.

ففي ما يتعلّق باغتيال لقمان سليم لم يكن تحذير التيار “من استغلال للجريمة وإصدار الاتهامات السياسية المسبقة” كافياً لعدم شيطنة التيار لمجرد إعلان رفضه “الاغتيال السياسي كوسيلة لإسكات أيّ رأي”.

فقد اعتبر جمهور المقاومة أن تسلّح العونيين بمنطق خصوم حزب الله بأنّ الجريمة “إسكاتٌ لصوت معارض” هو اتهامٌ مبطّن لحزب الله. وما زاد الطين بلّة أنّ الموقف الباسيلي أتى عقب بيان “التنظيم الشعبي الناصري” يوم الجمعة وحملة التخوين والانتقاد التي تعرّض لها أمينه العام أسامة سعد من قبل جمهور ومؤيّدي حزب الله.

وموقف التيار “المخفّف” حول اغتيال لقمان سليم مقارنة بالبيان الصادر عن التنظيم أدرِج فوراً من قبل جمهور الحزب على اللائحة السوداء وفُصِل عن “المواقف المشرّفة”، كما وصفوها.


ثمّة شريحة من النواب وقيادات التيار مقتنعة بأنّ ما يحصل على مستوى ملفّ الحكومة كبير وخطير ولا يمكن القفز فوقه من أجل المطالبة بحوار قد يكون هاماً لكن ليس أهمّ من إنقاد البلد من الجحيم

فالمجلس السياسي للتيار كرّر في ذكرى وثيقة مار مخايل مواقف باسيل الأخيرة بأنّ التفاهم “لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون”، معتبراً “أن تطويره بإتجاه فتح آفاق وآمال جديدة أمام اللبنانيين هو شرط لبقاء جدواه إذ تنتفي الحاجة إليه إذا لم ينجح الملتزمون به في معركة بناء الدولة”.

لكن رغم “النداءات” المستمرّة من النائب باسيل لإعادة النظر بورقة التفاهم تبيّن، وفق المعطيات، أنّ التيار الوطني الحر نفسه بحاجة إلى حوار بين قيادييه قبل الجلوس أمام حزب الله.

فثمّة شريحة من النواب وقيادات التيار مقتنعة بأنّ ما يحصل على مستوى ملفّ الحكومة “كبير وخطير ولا يمكن القفز فوقه من أجل المطالبة بحوار قد يكون هاماً لكن ليس أهمّ من إنقاد البلد من الجحيم”.

ولذلك يبدو مثلاً النائب ماريو عون في “لالا لاند” حين يحثّ حزب الله على تأليف لجنة لإعادة النظر بورقة التفاهم “بعدما شكّل التيار لجنته”.

عملياً، لا لجنة ولا من يحزنون. وفكرة الحوار مع الحزب لا تزال غير ناضجة لسببين:

الأوّل: عدم تحديد خارطة طريق لهذا الحوار ومرتكزاته ونتيجته المرجوّة. وهل هو “حكي” جدّي أو شكلي أو ممجوج أو لتعديل لغوي في البنود فقط. هي أسئلة تقريباً، باستثناء باسيل، لا أحد في التيار يملك جواباً عليها.

والثاني: اقتناع جزء من العونيين الملتزمين وغير الملتزمين في التيار بأنّ مسألة الحكومة والانهيار الشامل في مكوّنات الدولة باتت تتطلّب إجراءات أبعد من مجرد حوار ثنائي بين حزبين.

وهذا الفريق تحديداً يتلقّف سريعاً مضامين كلام عضو “كتلة التنمية والتحرير” أنور الخليل الذي تحدّث عن حلّين: “إما تلقف مبادرة الرئيس نبيه بري حول تأليف الحكومة أو فرض الحلّ الحكومي تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة”. وهو – أي الخليل – هو “المنتدب” عن عين التينة لتوجيه رسائل تكون بالعادة خارجة عن نطاق الخطاب “التقليدي” لكتلة برّي.

وهذه المرّة الرسالة، للمفارقة، تتماهى مع خطاب خصوم العهد وتخرج عن أدبيات “محيط برّي” في تمرير الرسائل. وهو الأمر الذي يقرأ فيه بعض العونيين البراغماتيين تهديد مبطن لرئيس الجمهورية وباسيل. أما الإعلام البرتقالي الرسمي ففسّره، وفق ما ورد في موقع التيار الإلكتروني، بأنّه “تلويح باستخدام القوة الدولية ضد حزب الله” كونه يتعارض مع مجمل خطاب المحور الذي ينتمي إليه الخليل.

عملياً، ثمّة أزمة كبيرة لكن صامتة داخل التيار حولّت الأخير إلى معسكرات لا تسعها “ميرنا الشالوحي”. ولدى نواب وقياديين داخل التيار مقاربة أكثر واقعية وجرأة تفتي بالآتي: “من يعرقل تأليف حكومة فيما البلد يَحتضر، كيف له أن يدعو لحوارات ليست على جدول الأولويات بحكم خطورة واستثنائية الأحداث”.

هؤلاء تحديداً يذهبون أبعد في توصيف الحالة بالقول: “باسيل الذي فشل في مشروعه ولم يتمكّن من أن يشكّل رافعة للعهد يريد عبر إصراره على فتح قنوات تعديل ورقة التفاهم مع حزب الله تحميل الأخير مسؤولية هذ الفشل”، مع إشارة هذا الفريق إلى أنّ “حزب الله بالتأكيد يتحمّل مسؤولية في أكثر من مكان خصوصاً في مسألة مكافحة الفساد، لكنّ التيار أيضاً ليس معصوماً. واليوم هناك مشاكل يواجهها العهد ليست فقط داخلية بل أيضاً مع الخارج تتطلب مقاربة أكثر مسؤولية وأقلّ تعجرفاً”.

ووفق المعطيات، تظهر شبه لا مبالاة من جانب حزب الله لناحية تشكيل لجنة الحوار على الرغم من أنّ السيّد حسن نصرالله كان أعلن في كانون الأوّل الماضي أنّ “الردّ على العقوبات الأميركية (على باسيل) يكون بتطوير العلاقة مع التيار الوطني الحر”. وأتى موقفه يومها استجابة لطلب باسيل المتكرّر في شأن تعديل ورقة التفاهم.

واللجنة التي قيل إنّها تألّفت من النائبين آلان عون وسيزار أبي خليل لم ترَ النور أصلاً… وبالتالي لم تعقد أي اجتماع مع أي مسؤول من حزب الله.

المصدر اساس