أمام حالة الاستعصاء .. أي مستقبل ينتظر اللبنانيين؟

2 أبريل 2021
أمام حالة الاستعصاء .. أي مستقبل ينتظر اللبنانيين؟
لينكات للإستضافة
عبد معروف

يشهد لبنان أوضاعا أمنية واقتصادية وسياسية تنذر بازلاقه بشكل كامل نحو الجحيم، فالتوترات الأمنية المتنقلة في مختلف المناطق اللبنانية، وانخفاض احتياط المصرف المركزي من العملات الأجنبية وانهيار العملة الوطنية، والأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، إلى جانب التعقيدات السياسية القائمة التي تعرقل تشكيل الحكومة اللبنانية، تشكل اليوم دفعا باتجاه الانهيار الشامل وهذه حقيقة يتلمسها ويعيشها المواطنون اللبنانيون.

أمام هذا الوضع الذي يمر به لبنان، دقت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، ناقوس الخطر بعد أن تفاقمت الأزمة الاقتصادية وفقد كثيرون وظائفهم ومدخراتهم في المصارف، ودعت الحكومة والأطراف السياسية والقطاع المالي إلى العمل معا لضمان حماية الأكثر عوزا والأشد ضعفا “قبل فوات الأوان”.

وأكدت باشيليت في بيان على أن الصدمات الاقتصادية المتزايدة، إلى جانب تفشي كوفيد-19، أثر على جميع شرائح المجتمع اللبناني، وفقد الكثيرون وظائفهم ويرون مدخراتهم تتبخر أمام أعينهم وقد خسروا منازلهم.

التحذيرات التي أطلقتها مفوضة الأمم المتحدة، لا تختلف مع آراء ومواقف الخبراء وأهل الفكر في بيروت، الذين أكدوا أن لبنان قد انزلق بشكل كامل نحو الانهيار الشامل .

ورأى الكاتب والباحث اللبناني “حسن غريب” أن رئيس الجمهورية اللبنانية في لحظة من لحظات التعبير عن غضبه، عبَّر عما سيؤول إليه الوضع في لبنان إذا لم تتشكل حكومة. حينذاك أجاب: (إلى جهنم).

وأضاف الكاتب غريب لـ”بيروت نيوز” كأن رئيس الجمهورية ليس مسؤولاً عن إدارة الأزمة، وكأنه لا يعرف أنه إذا احترق بلد يجب أن يتولى أركان السلطة مهمة إطفاء الحريق وهو منهم. ولكن المأساة في لبنان هي أن يكون أركان السلطة أنفسهم سبباً للحريق. وقد أحرقوا لبنان عن سابق تصور وتصميم حيث أعمتهم دخان مصالحهم الفئوية، ومصالح ميليشياتهم، عن رؤية الحريق الذي شبَّ في كل مفصل من مفاصل لبنان، وكل زاوية فيه، ولم يترك فيه يباساً لم يشتعل، والأمر من ذلك أن النيران أكلت الأخضر أيضاً.

وأعرب غريب عن استغرابه قائلا، لو قالها مواطن غاضب، أو ممن لا يشارك في السلطة، لكان من المقبول ما قال، لأنه لا يملك سنتيماً من السلطة لكي نحمله المسؤولية، ونطلب منه أن يُطفئ نيران جهنم. ولكن الذي يقولها هو رأس السلطة بالذات، ولكنه عاجز عن فعل شيء، مردداً مع التيار الذي يرعاه: (ما خلونا نشتغل). ويأتي رأس حزب، أو راعي حزب، من المشاركين في السلطة ليردد المعزوفة ذاتها. حتى لم يبق حزب واحد منها لم يتلوها. لتكون النتيجة أنهم جميعاً أبرياء من دم لبنان النازف. وقد أجمعوا على اتهام الفقراء الذين نزلوا إلى الشارع غاضبين على تقصير السلطة بأنهم الفاسدون، وأصبح كأن ثمن منقوشة الفقير هي وضعت لبنان في بؤرة الإفلاس.

دخل لبنان بوابة جهنم بفعل تمسك أمراء الطوائف بنظام المحاصصة الطائفية، زعماً منهم أنهم سيحمون الطوائف، فهدموا لبنان وخسرت الطوائف. ولم يعمل أي حزب من أحزاب الطائفية السياسية على إنقاذه بل يعملون جميعاً على تزويده بحطب الفساد والسرقة والنهب ليزداد اشتعالاً.

في ظل إصرار أحزاب السلطة على امتيازاتهم وحماية أنفسهم من المساءلة، يشهد لبنان هبوطاً مستمراً في مناعته لمواجهة المستقبل، وكلما ازدادت أحزاب السلطة تمسكاَ بمواقعها وطرائق أدائها في إدارة الشأن العام، سيقابله المزيد من الانهيارات في شتى مفاصل الحياة الاقتصادية. وكلما ازداد أعداد الجائعين والعاطلين عن العمل، تزداد معها مظاهر الاحتجاج، ومظاهر العوز، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الجرائم والإخلال بالأمن.

وشدد الباحث غريب على أن أم الآفات أن تكون سلطة سياسية غير قادرة على توفير لقمة العيش للمواطنين، لأنها ستقود إلى آفات أخرى أشد وطأة ولعلَّ أخطرها انفلات حابل الأمن على غاربه، كما أن تقاذف التهم بين أمراء الطوائف، خاصة في ظل انتشار الميلشيات المسلحة، التي وإن تباينت أحجامها، فإنها قادرة على العبث بالأمن والإخلال به. ولهذا فلا أمل بعودة لبنان إلى شبكة الخلاص سوى بتغيير هذا النظام الفاسد، الذي يستقوي فيه بعض أحزاب السلطة بالحزب الآخر، لأنهم جميعاً مستفيدون من النهب والسرقة من جهة، وكل واحد منهم يستقوي بقوة خارجية تحميه من جهة أخرى.

وأكد أن لبنان دخل الدائرة الجهنمية المفرغة، لأن من له صلاحية تشكيل الحكومة هم أحزاب الطائفية السياسية من جهة، وهم لن يشكلوا حكومة تفتح ملفات فسادهم من جهة أخرى، وإذا لم تتشكل حكومة تراقب وتحاسب، متساءلا: من أي بوابة سيدخل التغيير؟

وحسب رأي غريب، لا أمل يبدو في الأفق المنظور، والساحة اللبنانية مفتوحة على المزيد من التأزيم في شتى الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية إلى حد الانهيار الشامل.

ويعتقد الباحث في القضايا السياسية، الدكتور خالد ممدوح العزي أن لبنان يعيش أصعب لحظات عمره منذ تأسيسه في العام 1920 بالتوافق الذي حصل آنذاك بين المسلمين والمسيحيين.

وأضاف الدكتور العزي لـ”بيروت نيوز” قائلا، بالرغم من مرور مئة عام على ولادة لبنان إلا أن هذه المرحلة هي من أخطر وأصعب المراحل التي أدت إلى ذوبان هذا البلد وتحلله وإبعاده عن الخارطة الدولية نتيجة سيطرت القوى السياسة الفاسدة على مفاصل النظام السياسي في محاولة لتبليه رغباتهم الخاصة من خلال تقاسم المغانم والمكاسب على طريقة التركيبة المذهبية التي تسمح لهؤلاء بالتسلط المباشر على الدولة التي تعاني من انهيار اقتصادي وإفلاس مالي وغياب المعايير الأخلاقية من قبلهم في تحمل الأزمات التي تعصف بلبنان من خلال السياسية الزبائنية المنتهجة طوال الفترة السابقة دفعت الأوضاع إلى هذا المستوى من الانهيار نتيجة غياب المسؤولية ورفض هذه الطبقة تحملها والانحناء أمامها بالرغم من معرفتهم المسبقة بهول العاصفة التي تمر فوق لبنان.

وأضاف الدكتور العزي، المظاهرات التي حصلت في لبنان في 17 تشرين الأول أكتوبر العام الماضي ولاتزال أصدائها ترتفع بين الحين والآخر هي بوجه هذه الطبقة الحاكمة التي لا تستجيب للمطالب الشعبية التي كانت ترفع شعار (كلن يعني كلن)، رافضين تصرفاتهم وسياستهم وأجنداتهم الخاصة التي أوصلت الشعب اللبناني إلى مراحل الفقر والعوز وإفلاس البلد وغياب الدولة عن مهامها بسبب صراع المسؤولين الخاصة. فالمجتمع الدولي الذي يطالب الطبقة السياسية بالوقوف لحظة مسؤولة أمام شعبها وتنفيذ المبادرة الفرنسية التي قدمت لإنقاذ ما تبقى من لبنان ومساعدة شعبه الذي باتت طبقاته تعاني من أزمة تحلل الدولة وتفككها الاقتصادي والأمني. فالتجاوب مع المبادرة الفرنسية من قبل الأطراف اللبنانية كان مفقودا بحجة تمثيل وزير من هنا أو من هناك بالوقت الذي يعاني الموطن من الفقر المطلق وغياب كل المستلزمات المطلوبة لسد حاجة الشعب التي فرضتها الأزمة الاقتصادية ورفض التعامل الدولي مع الطبقة السياسية الفاسدة بما يخص المساعدة الدولية.

ويؤكد الدكتور العزي أن الطبقة السياسية لم تستدرك هول الأزمة التي بات يعيش فيه لبنان ولا حجم الزلزال التي تعرض له مرفأ بيروت من خلال الفساد الذي لم يودي التحقيق اللبناني لمعرفة ماذا حصل في الزلزال الذي ضرب شريان الحياة للدولة اللبنانية ولم يتمكن التحقيق الدولي من التحقيق في هدر المال العام الذي تبخرت أموال المودعين في المصارف اللبنانية فجاءة. بالرغم من الانهيار والتخاطب اللبناني السياسي في الخروج من الأزمة التي ثبات تفرض نفسها على الجميع نرى الصراع القائم بين الأطراف ورطبه بالأجندة الخارجية ريثما تحل قضايا إقليمية على حساب الساحة الداخلية كونها باتت صندوق بريد للتراشق بين الدول الخارجية والداخل اللبنانيين لايزالوا ينظرون الحلول الخارجية بسبب فشلهم في التوافق الداخلي، لان مصلحتهم وضعت فوق مصلحة الشعب اللبناني الغائب في تفاوضاتهم الخاصة التي لا تعبر إلا عن محاولتهم الواضحة للعودة إلى ما قبل الانتفاضة الشعبية التي كشفت فسادهم أمام الداخل والخارج، سيبقى وضع لبنان مرجح للدخول في الانهيار أكثر فأكثر طالما الطبقة السياسية تضع مصلحتها فوق لبنان وشعبه.

ثمة خشية من أنّ انهيار الوضع الاقتصادي والمالي، وارتفاع نسبة الفقر والبطالة وأسعار السلع التموينية الاستهلاكية وإقفال آلاف الشركات والمحلات التجارية، وتأخير تشكيل الحكومة والصراعات الطائفية والسياسية، قد يؤدي إلى فلتات أمني خطير، بدأت ملامحه تظهر من خلال تصاعد الاشتباكات والانفجارات والاغتيالات وارتفاع نسبة الجريمة وعمليات القتل والسرقات التي بدأت تعم المناطق اللبنانية كافة.

المصدر خاص بيروت نيوز