عاد إطلاق النار في الهواء، يشكل ظاهرة مقلقة، ومزعجة للمدنيين في مخيم عين الحلوة ومدينة صيدا والمناطق المجاورة، وتشير هذه الظاهرة البشعة إلى مدى حالة الفوضى والعبثية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في لبنان، في مرحلة تتعرض فيها القضية الفلسطينية لتحديات مصيرية خطيرة، تبدو واضحة من خلال حرب الابادة التي تقوم بها القوات الحربية الاسرائيلية، ومن خلال التصعيد الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية من مصادرة الأراضي وعمليات القتل والتدمير وارتكاب المجازر.
وبرزت ظاهرة إطلاق النار العشوائي خلال الأيام الماضية، في مخيم عين الحلوة للتعبير عن تضامن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مع إخوانهم في الأراضي المحتلة، وتمجيدا واعتزازا بالعمليات العسكرية التي تنفذها قوى المقاومة الفلسطينية ضد مواقع الاحتلال .
وعلى اثر توارد الأخبار عن وقوع اصابات في صفوف مستوطنين جراء إنهيار مدرج كنيس يهودي في القدس المحتلة، اشتعلت اجواء مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا برشقات كثيفة من الرصاص ابتهاجاً استمرت لبعض الوقت ، ما ادى الى إثارة الرعب والقلق في صفوف المدنيين وخاصة الأطفال وجرح اربعة اشخاص في صيدا وفي حارة صيدا بينهم امرأتان احداهما عاملة منزل من الجنسية البنغلادشية اصيبت في حارة صيدا، وسيدة ثانية اصيبت على الكورنيش البحري للمدينة، ، والمسعف في جمعية الكشاف العربي خالد مارديني الذي اصيب اثناء قيامه بتجهيز معدات الاسعاف، بالاضافة الى الشاب خضر السن الذي اصيب في بطنه اثناء تواجده في سيارته، كما اصاب الرصاص الطائش عددا من السيارات والأبنية السكنية ما ادى الى تضررها.
بداية، لابد من التأكيد على أن ظاهرة إطلاق النار في الهواء خلال النهار وفي ساعات الليل، تشكل ظاهرة غير أخلاقية ولا تعبر بالمطلق عن الروح الوطنية والانسانية، ولا تشكل مساهمة لدعم الانتفاضة .
أولا: هي ظاهرة مخيفة للمدنيين وخاصة الأطفال.
ثانيا: أن السلاح داخل المخيمات كان بهدف الحفاظ على أمن واستقرار المخيم، وليس نشر الفوضى والرعب في صفوف المدنيين.
ثالثا:إن كل طلقة تطلق بالهواء، هي طلقة الثورة والقضية، وليس طلقة أفراد عشوائيين يعبثون بأمن واستقرار المخيم.
والذين يحاولون التعبير عن تضامنهم مع الانتفاضة وعمليات المقاومة، والتأكد دائما أن إطلاق النار العشوائي لا يخدم الانتفاضة والمقاومة، وليس تعبيرا وطنيا للتضامن والدعم، بل على العكس من ذلك تماما، إنها طعنة في ظهر الانتفاضة والمقاومة، تساهم في نشر الرعب والهلع ويجعل الرأي العام( يلعن ويشتم ويتململ) ويبتعد عن تأييد الانتفاضة والمقاومة وحق الشعب بالنضال .
وللتعبير عن التضامن والدعم للانتفاضة، هناك طرق أخرى ووسائل متعددة، وفي مقدمتها، الوعي وتنظيم الصفوف، وحشد الطاقات، وتشكيل لجان العمل والدراسة والبحث حول سبل الدعم والمواجهة .
إطلاق النار في الهواء يشكل استفزازا للأطفال والمدنيين والمرضى وكبار السن، لذلك، على الشعب الفلسطيني أن يكون أكثر وعيا وتنظيما، ويبتعد عن ترهيب المدنيين والأطفال، وعلى الفصائل الفلسطينية في لبنان وهي تعمل على تنظيم المظاهرات والمسيرات ووقفات التضامن وإصدار البيانات وإطلاق الخطابات ورفع الرايات والاعلام، أن تعمل على معالجة هذه الظاهرة المسيئة، وتشكيل لجان عمل من أجل رفع مستوى وعي الشعب وإبراز مخاطر إطلاق النار العشوائي .
كما على الاعلاميين ووسائل الاعلام أن لا تكتفي بإعلام السرد والنقل واستعراض الأخبار، بل يجب عليها أن تخاطب اللاجئين وتساهم في نشر الوعي من مخاطر استمرار هذه الظاهرة المسيئة لفلسطين والفلسطينيين.
إطلاق النار العشوائي ظاهرة خطرة، وعلى الشعب الفلسطيني وقواه السياسية والنخب الاعلامية إدراك هذا الخطر والاسراع في معالجته، وهذا يشكل أكبر دعم للانتفاضة والمقاومة في فلسطين، فالاعتصامات والوقفات التضامنية وإطلاق الهتافات والأهازيج لا تكفي، وإذا كان التضامن مع الانتفاضة في فلسطين أمر ضروري فإن هذا التضامن يبدأ برفع مستوى الوعي الوطني، وتشكيل اللجان وتعزيز القدرات وتنظيم الصفوف، وإلا فإن كل هذه المسيرات ورفع الرايات والأهازيج لن يكون لها أية قيمة.