هستيريا نقدية وتخبط مالي وتدهور اقتصادي اجتماعي فوق الوصف يعيشه لبنان، المنقسم بين مًن يشارك في الانهيار ومَن يسترق النظر ومَن ينتظر ومَن لا حول له ولا قوة… وحده حاكم مصرف لبنان يعرف “البير وغطاه”.
بتوقيع منه يحجز وبتوقيع يفرج. بقرار منه يهدأ البلد وبآخر يطير.
اولا لأنه ملك اللعبة النقدية. وثانيا لأنه يملك مفتاح الدولار وما يزيده قوة، ضعف الدولة وغياب المؤسسات.
آخر أرانب الحاكم استخدامه تعبيرين مهمين: الأول، المجلس المركزي عوضاً عن المصرف المركزي؛ والثاني، التوظيفات الإلزامية بدل الاحتياط الإلزامي، الأمر الذي طرح أكثر من علامة استفهام.
يقول مصدر اقتصادي رسمي مطلع لـ”لبنان الكبير”: “إذا التفتنا للتفاصيل، نلاحظ أن إجماع المجلس المركزي على قرارات الحاكم يشكل نقطة قوة لديه، باعتباره أعلى سلطة رقابية نقدية في الدولة، أما عبارة توظيفات بدل احتياطي فتترك له الهامش في ضخ السوق ببعض الدعم لحين تشكيل حكومة.
وهذا ما برزت ملامحه في الآونة الأخيرة من خلال فتح اعتمادات لبواخر الفيول والدواء والتي احتسبت من التوظيفات الإلزامية. ويبرز في هذا الخصوص ما لحظه تعميم رقم ١٥٨ من تخفيض الاحتياط الإلزامي من ١٥ إلى ١٤ بالمئة والذي أعطاه هامشاً أكبر للتحرك في ضخ العملة الصعبة لما يعرف بآلية الدعم…علما أن التعميم لم يأت على ذكر ١٤ مليار دولار”.
ويرى المصدر أن الحاكم انفرد في الإمساك بـ”البطاقة الحمراء” يظهرها حين يشاء ويضعها في جيبه حين يشاء… فيما سياسته المتبعة منذ سنة ونصف سنة هي إطالة عمر الدعم قدر الإمكان.
وفي هذا الإطار علم موقع لبنان الكبير ان قرار اعتماد منصة ٣٩٠٠ لسعر المحروقات أصبح الاكثر ترجيحا، وفي حسابات الحاكم الأولية سيؤمن وفرا بقيمة ١٠٠ مليون دولار ويؤمن السلعة لمدة شهرين ونصف شهر، الامر الذي يمكن ان ينسحب على الدواء بكافة أشكاله كمقدمة لرفع الدعم عنه كلياً، باستثناء الأدوية المستعصية والمزمنة.
أما لقمة الفقير، بحسب تعبير سلامة، فهي الثابتة الوحيدة في الدعم باعتبار أن كلفة استيراد القمح ١٥ مليون دولار شهرياً أي ١٨٥ مليون دولار في السنة، مع بعض المواد التي تدخل في صناعة الخبز وهذا الدعم “مقدور عليه”. أما باقي الصرف فلن يسير الحاكم به الا بقرار استثنائي من الحكومة المستقيلة وموقع من رئيس الجمهورية.
وهنا يقول مصدر حكومي رفيع المستوى لـ”لبنان الكبير”: “علمنا ان حاكم مصرف لبنان أبلغ وزير الطاقة ريمون غجر بأنه فتح اعتمادا لمن حصل على موافقة مسبقة فقط لا غير، وأنه أوقف الموافقات المسبقة.
ومن اليوم وصاعداً أي باخرة جديدة للبنزين لن يصرف لها إلا بقرار من الحكومة وعلى منصة الـ٣٩٠٠ كذلك المازوت.
ونحن نقول له: كما فتحت الاعتمادات السابقة فلتفتح الاعتمادات اللاحقة ولن نغطي أي قرار تريد توريط هذه الحكومة به وتحمل مسؤولية أي قرار تتخذه بوقف الصرف نهائياً.
نظمت حملة كبيرة لعدم المس بالاحتياط ثم حولته توظيفات إلزامية للمصارف، ونحن نتحدى أي جهة تعرف أرقام المصرف المركزي الحقيقية، كما اننا نسأله أين الـ٦ مليار ونصف مليار دولار التي دينتها للمصارف بداية عام ٢٠٢٠، هل استعدتها كاش أم شيكات؟!”.
ويتابع المصدر: “واضح أنه حتى الآن الحاكم ما إلو قلب أن يأخذ القرار الصعب.
وهذه الحكومة لن تتورط تحت الضغط، المخرج هو البطاقة التمويلية التي تغطي معظم العائلات اللبنانية إلى حين تشكيل حكومة، لأن صندوق النقد قالها بوضوح بأنه لن يتفاوض مع حكومة مستقيلة”.
ويصف المصدر الوضع الراهن كالآتي: “هناك قرار بالانهيار من بعض جهات الخارج بالتواطؤ مع البعض في الداخل يضاف إلى قرار دولي بمنع المساعدات عن لبنان الا بالقطارة، أي بفصيح العبارة: ممنوع نموت وممنوع نعيش”.